قصه الحضاره (صفحة 2707)

الإسكندرية تستهوي التجارة العالمية، وكان مرفأها المزدوج مما تحسدها عليه سائر المدن، كما كانت منارتها من عجائب الدنيا السبع (?). وكانت حقول مصر ومصانعها كبيرة وصغيرة تنتج قدراً كبيراً من الغلات الزائدة على حاجة البلاد تباع في الأسواق النائية التي تصل إلى الصين شرقاً، وإلى أواسط إفريقية جنوباً، وإلى الروسيا والجزائر البريطانية شمالاً. وقد سار الرواد المصريون جنوباً حتى بلغوا زنجبار وبلاد السومال ونقلوا إلى العالم أخبار سكان الكهوف الذين يعيشون على سواحل إفريقية الشرقية ويقتاتون بالأطعمة البحرية، والنعام، والجزر، وجذور النبات (24). واستطاعت السفن المصرية أن تقضي على سيطرة العرب على تجارة الهند مع بلاد الشرق الأدنى بسيرها من النيل إلى الهند مباشرة، وأضحت الإسكندرية بتشجيع البطالمة وحكمتهم أهم الثغور التي يُعاد منها شحن البضائع المرسلة إلى أسواق بلاد البحر المتوسط.

وكان مما زاد في سرعة نماء التجارة والصناعة وازدهارهما ما قدمته المصارف المالية من تسهيلات عظيمة. لقد بقي في مصر حتى ذلك الوقت قدر من المقايضة ورثته البلاد من العهود القديمة؛ وكانت الحبوب المحفوظة في المخازن الملكية بمثابة رصيد احتياطي للمصارف؛ ولكن إيداع الحبوب وسحبها، وتحويلها من يد إلى يد كان في الاستطاعة إتمامها على الورق بدل إجراء هذه العمليات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015