قصه الحضاره (صفحة 2701)

معبودات بحق. وكان يعيش في المتحف أربع طوائف من العلماء: فلكيين، وكتاب، وعلماء في الطبيعة، وأطباء. وكان هؤلاء كلهم من اليونان، وكانوا جميعاً يتقاضون مرتبات من الخزانة الملكية. ولم يكن مهمتهم أن يعلموا الطلاب، بل أن يتوفروا على البحوث والدراسات وإجراء التجارب. ولما تضاعف عدد الطلاب في المتحف في العقود التالية، قام أعضاؤه بإلقاء المحاضرات، ولكنه بقي إلى آخر أيامه معهداً للدراسات الراقية أكثر مما كان جامعة للطلاب. ومبلغ علمنا أنه كان أول مؤسسة أقامتها دولة للعمل على تقدم الآداب والعلوم، وكانت أهم ما أفاده تاريخ الحضارة من البطالمة ومن الإسكندرية.

ومات بطليموس فلدلفس عام 246 بعد حكم طويل قام فيه بكثير من جلائل الأعمال. وكان بطليموس الثالث أورجيتيس صلى الله عليه وسلمuergetes ( المحسن) ملكاً من طراز تحتمس الثالث يبغي فتح بلاد الشرق الأدنى. فبدأ بالاستيلاء على سرديس وبابل، ثم واصل زحفه حتى بلغ بلاد الهند، وزعزع كيان الإمبراطورية السلوقية حتى انهارت حين مستها جيوش رومة. ولسنا نريد أن نتتبع حادثات حروبه، لأنها، وإن كانت في تفاصيلها أشبه الأشياء بالرواية التمثيلية، كانت في أسبابها ونتائجها موحشة لا حد لوحشتها؛ وإن تاريخ الحروب إذا قُص أصبح تابعاً ذليلاً لتقلبات القوة والسلطان تلغي فيها الانتصارات والهزائم بعضها بعضاً فتجعله تاريخاً أجوف لا قيمة له. وحسبنا أن نقول إن برنيس رضي الله عنهerenice زوجة أورجيتيس الشابة عبرت عن شكرها لانتصاراته بأن وهبت خصلة من شعرها للآلهة؛ وتغنى الشعراء بهذه القصة، ورفع الفلكيون عقيرتهم بها إلى السماء فسموا إحدى المجموعات النجمية باسم كوما برنيسيز Coma رضي الله عنهerenices أي شعر برنيس.

وكان بطليموس الرابع فلوباتر يحب أباه حباً حمله على أن يحذو حذوه في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015