قصه الحضاره (صفحة 2641)

على العرش، ومائة من الاغتيالات، وألف من القيود على الحرية، وذلك كله من غير أن يصحب هذه الفوضى شيء من المجد الأدبي أو العلمي أو الفني يخفف من فظاعتها؟ ولقد كان ضعف الدولة وصغرها في بلاد اليونان نعمة كبرى على الفرد، نعمت بها روحه بلا ريب إن لم ينعم بها جسمه؛ ذلك أن هذه الحرية، وإن كلفته كثيراً، قد أمكنت العقل اليوناني من أن يقوم بجلائل الأعمال. إن الفردية تقضي في آخر الأمر على الجماعة، ولكنها قبل أن تقضي عليها تقوي الشخصية، والكشف العقلي، والإبداع الفني. ولسنا ننكر أن الديمقراطية اليونانية أضحت فاسدة عاجزة يجب أن تموت؛ ولكن الناس أدركوا بعد موتها ما كانت عليه من الجمال في أيام مجدها، وكانت الأجيال القديمة التالية على بكرة أبيها ترنو ببصرها إلى عهود بركليز وأفلاطون وتعدها أعظم العهود التي شهدتها بلاد اليونان بل أحسن العهود في التاريخ كله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015