قصه الحضاره (صفحة 2343)

ويقرر حجم الملهى وتقاليد الاحتفال طبيعة المسرحيات اليونانية إلى حد بعيد. وإذ كان من غير المستطاع إظهار الفروق الضعيفة بين الشخصيات بملامح الوجه أو تغيير نبرات الصوت، فقد كانت الدقة في تصوير شخصيات المسرحية قليلة الوجود في الملهى الديونيشي. لقد كانت المسرحيات اليونانية دراسة للأقدار أي للإنسان في كفاحه مع الآلهة، أما المسرحيات التي كتبت في عصر الملكة إليزابيث فكانت دراسة في تتابع الحوادث أي دراسة للإنسان في صراعه مع أخيه الإنسان، وكانت الجيدة منها دراسة في الأخلاق أي دراسة للإنسان في صراعه مع نفسه. وكان النظارة اليونان يعرفون مقدماً مصير كل شخصية من الشخصيات الممثلة، كما يعرفون نتيجة كل حادثة من حوادث التمثيل؛ ذلك بأن العادات الدينية كان لا يزال لها في القرن الخامس من القوة ما يكفي لتحديد موضوع المسرحيات الديونيشية بحيث لا يخرج عن قصة من الأساطير والخرافات الشائعة عند اليونان الأولين (?). ولم يكن في المسرحية شيء من ترقب النتائج غير المعروفة أو من المفاجآت، بل كان فيها بدلاً من هذا لذة الشعور السابق بالنتائج المرتقبة ومعرفة ما سيكون قبل وقوعها. وكان مؤلفو المسرحيات جيلاً بعد جيل يقصون على النظارة أنفسهم القصة بعينها؛ ولم يكن بينهم اختلاف إلا في الشعر، والموسيقى، والتفسير، والفلسفة. وحتى الفلسفة نفسها كانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015