ونهب المدينة وهي في أوج عزها ورخائها، وهدم معابدها وذبح أهلها في الطرقات، وساق أمامه تماثيل الآلهة أسيرة ذليلة. ومن أقدم القصائد المعروفة في التاريخ قصيدة كتبت على لوح من الطين لعل عمرها يبلغ 4800 سنة يرثى فيها الشاعر السومري دِنْجِرِ دَّامو انّهاب إلهة لكش ويقول فيها:
وا أسفاه! إن نفسي لتذوب حسرة على المدينة وعلى الكنوز
وا أسفاه! إن نفسي لتذوب حسرة على مدينتي جرسو "لكش" وعلى الكنوز
إن الأطفال في جرسو المقدسة لفي بؤس شديد
لقد استقر "الغازي" في الضريح الأفخم
وجاء بالملكة المعظمة من معبدها
أي سيدة مدينتي المقفرة الموحشة متى تعودين؟
ولا حاجة بنا إلى الوقوف عند السفاح لوجال- زجيزي وغيره من الملوك السومريين ذوي الأسماء الطنانة الرنانة أمثال لوجال- شجنجور، ولوجال- كيجوب- تدودو، وننيجي- دبتي، ولوجال- أندرنوجنجا ... وفي هذه الأثناء كان شعب آخر من الجنس السامي قد أنشأ مملكة أكد بزعامة سرجون الأول، واتخذ مقر حكمه في مدينة أجاد على مسيرة مئتي ميل أو نحوها من دول المدن السومرية من ناحية الشمال الغربي. وقد عثر في مدينة سومر على أثر ضخم مكون من حجر واحد يمثل سرجون ذا لحية كبيرة تخلع عليه كثيراً من المهابة، وعليه من الثياب ما يدل على الكبرياء وعظيم السلطان. ولم يكن سرجون هذا من أبناء الملوك: فلم يعرف التاريخ له أباً، ولم تكن والدته غير عاهرة من عاهرات المعابد (16). ولكن الأساطير السومرية اصطنعت له سيرة روتها على لسانه شبيهة في بدايتها بسيرة موسى، فهو يقول: "وحملت بي أمي الوضيعة الشأن، وأخرجتني إلى العالم سراً ووضعتني في قارب من السل كالسلة وأغلقت علىَّ