قصه الحضاره (صفحة 2120)

حماية الوفود والحجاج الذاهبين إلى مشاهدة الأعياد اليونانية الجامعة، وفي فرض صدور إعلان رسمي بالحرب قبل بدء القتال، وفي قبول الهدنة إذا طلبها أحد الطرفين المتقاتلين لإعادة من يُقتلون في المعارك إلى بلادهم ودفنهم. وكانت الأسلحة المسمومة لا تستعمل بحكم العادة المألوفة، وكان الأسرى عادةً يُتبادلون أو يُفتدون، وكان الفداء المعترف به ميناءين - ثم أصبح ميناء واحدة (نحو مائة ريال أمريكي) - لكل أسير (53). وكانت المعاهدات كثيرة العدد، وكان المتعاهدون يُقسمون الأيمان المغلظة على احترام نصوصها، ولكنها كانت تخرق على الدوام تقريباً. وكانت المحالفات كثيرة، وكانت تؤدي أحياناً إلى إيجاد أحلاف دائمة، كحلف دلفي الاثني عشري (الأمفكتيوني) في القرن السادس، والحلفين الآخي والإيتولي في القرن الثالث. وكانت مدينتان في بعض الأحيان تجامل كلتاهما الأخرى بأن تمنح أحرار أختها حقوق المواطنين فيها. وكان التحكيم الدولي يحدث أحياناً، ولكن كان في وسع الطرفين المحتكمين أن يرفضا نتيجته أو يتجاهلاها. ولم يكن اليوناني يشعر بأي التزام أدبي نحو الأجانب أو بأي التزام قانوني إلا إذا كان بلداهما مرتبطين بمعاهدة، وكان هؤلاء في عرفه برابرة ( رضي الله عنهarbaroi) (?) . ولم يكن اليونان يقصدون بذلك أنهم "همج". رضي الله عنهarbarian بالمعنى الذي نفهمه نحن من هذا اللفظ بالضبط، بل كانوا يفهمون منه "الأجانب" أو الغرباء الذين يتكلمون لغة غريبة غير مألوفة. ولم ترقَ بلاد اليونان الرقي الذي تدرك به وجود قانون أخلاقي يشمل الجنس البشري بأكمله إلا على يد الفلاسفة الرواقيين في العصر الذي اصطبغت فيه بلاد الشرق الأدنى بالصبغة اليونانية العالمية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015