وكان هذا كله صدمة قوية لمشاعر المحافظين من الأهلين، فأخذوا ينددون ببركليز لأنه يدفع اليونان لحرب اليونان كما حدث في إيجينا وساموس، ثم اتهموه بأنه يبدد الأموال العامة، ثم سلطوا عليه الممثلين الهزليين فأساءوا استخدام حرية الكلام التي سادت أثينة في عهده، فاتهمه هؤلاء بأنه جعل داره بيتاً من بيوت الفساد السيئة السمعة، وبأن بينه وبين زوجة ابنه علاقة غير شريفة (28). وإذ كانوا لا يجرؤون على عرض تهمة من هذه التهم علناً أمام القضاء أخذوا يهاجمونه بالكيد لأصدقائه. فاتهموا فدياس باختلاس بعض الذي عهد إليه لصنع تمثال أثينة الذهبي العاجي، ويلوح أنهم أفلحوا في إثبات التهمة عليه. ووجهوا إلى أنكساغوراس تهمة تتعلق بالدين، ففر الفيلسوف إلى خارج البلاد اتباعاً لمشورة بركليز. ووجهوا تهمة دينية أخرى إلى أسبازيا مضمونها أنها لا تخضع لأوامر الدين، وإنها جهرت بعدم تعظيمها آلهة اليونان (29). وهجاها الشعراء الهزليون هجاءً قاسياً ووصفوها بأنها ديانيرا عز وجلeianeira التي أهلكت بركليز (?) وأطلقوا عليها بلغة يونانية صريحة اسم العاهر، واتهمها واحد منهم يدعى هرمبوس Hermippus بأنها تعمل لكسب المال من طريق غير شريف، ذلك بأنها قوادة لبركليز، تأتي إليه بالحرائر ليستمتع بهن (30)، وقدمت للمحاكمة ونظرت قضيتها أمام ألف وخمسمائة من القضاة، ودافع عنها بركليز دفاعاً مجيداً استخدم فيه كل ما وهب من بلاغة، بل إنه استخدم فيه دموعه نفسها، ورفضت الدعوة. وبدأ بركليز من ذلك الوقت (432) يفقد سيطرته على الشعب الأثيني، ولما وافته منيته بعد ثلاثة سنين من ذلك الوقت كان قد أصبح رجلاً مهدماً كسير القلب والجسم.