في كل زمان ومكان، فكانت كل مدينة ثائرة تجيش جيوشها ولكنها تستبقيا تحت قيادة مستقلة. وزحف الجيش الميليتي، ولدى قيادته من الشجاعة أكثر مما لديها من الحكمة، حتى وصل إلى سرديس، وأحرق المدينة العظيمة ودكها دكاً. ونظم الحلف الأيوني أسطولاً متحداً، ولكن سفن ساموس عقدت صلحاً سرياً منفرداً مع المرزبان الفارسي، فلما أن التقت العمارة البحرية الفارسية بالعمارة الأيونية عند لادى في عام 494، ودارت بينهما معركة من أشد المعارك البحرية في التاريخ، انسحبت سفن ساموس الخمسون دون أن تشترك في القتال، وحذت حذوها كثير من أقسام الأسطول الأيوني (3). وهزم الأيونيون هزيمة منكرة، ولم تفق الحضارة الأيونية بعدئذ إفاقة كاملة من هذه الكارثة المادية والروحية. وحاصر الفرس ميليتس، واستولوا عليها، وقتلوا رجالها، وسبوا نساءها وأطفالها، وأعملوا فيها السلب والنهب حتى صارت منذ ذلك اليوم بلدة قليلة الشأن. وبسطو سلطانهم مرة أخرى على أيونيا، وغضب دارا لتدخل أثينة في شئون ملكه، فصمم على فتح بلاد اليونان، وألفت أثينة الصغيرة نفسها، جزاء لها على مساعدتها الكريمة لبناتها من المدن الأيونية، وجهاً لوجه أمام إمبراطورية أكبر مائة مرة من أتكا.
وفي عام 491 خاض أسطول فارسي قوامه ستمائة سفينة بقيادة داتيس عز وجلatis عباب بحر إيجة من جزيرة ساموس، ووقف في طريقه ليخضع جزائر سكلديس، ووصل إلى ساحل عوبية يحمل مائتي ألف محارب. واستسلمت عوبية بعد مقاومة قصيرة عبر الفرس بعدها الخليج الذي يفصلها عن أتكا، وعسكر هؤلاء الجنود عند مرثون لأن هبياس قد نصحهم بأن في وسعهم أن يستخدموا في هذا السهل فرسانهم، وهم من هذه الناحية يفوقون اليونان كثيراً (4).
واضطربت بلاد اليونان أشد الاضطراب لهذه الأنباء، ذلك أن الجيوش الفارسية لم تكن قد غلبت قط قبل هذا الغزو، ولم تكن أمة من الأمم قد