- الذي بعث طروادة بعد موت- أن قارة أطلنطس كانت بمثابة حلقة اتصال بين ثقافتي أوربا ويقطان، وأن مصر كانت قد استمدت حضارتها من أطلنطس هذه (69) ولعل أمريكا نفسها أن تكون هي أطلنطس وأنها كانت ذات حضارة قديمة متصلة بحضارات إفريقية وأوربا في العصر الحجري الحديث؛ ويجوز أن كل كشف جديد يقع عليه الإنسان اليوم، هو كشف للمرة الثانية، سبقه في العصر السالف كشف أول.
لاشك أنه من الجائز- كما ظن أرسطو- أن يكون العالم قد شهد مدنيات كثيرة، وصلت إلى كثير من المخترعات وأسباب الترف ثم أصابها الدمار وزالت من ذاكرات البشر؛ ويقول "بيكُن" عن التاريخ إنه حطام سفينة، إذ ضاع من الماضي أكثر مما بقى؛ وإننا لنجد العزاء عن هذا الضائع في الرأي القائل بأنه كما أن ذاكرة الفرد لا بد أن تنسى الجزء الأعظم مما يصادفه في خبرته من حوادث، لكي يحتفظ الفرد بقوته العاقلة، فكذلك الجنس البشري كله لم يحتفظ في تراثه إلا بأنصع وأقوى ما مَر به من تجارب ثقافية- أم هل استمد هذا المحفوظ نصوعه في الذاكرة وقوته لأنه وحده ما أجاد الذاكرة الاحتفاظ به؟ - ومهما يكن من أمر تراثنا الذي نعيه، فحتى لو لم يكن إلا عُشر ما مَر بالإنسان من تجارب، فليس في وسع إنسان أن يلم به كله؛ وسنجد قصة الإنسان رغم ذلك كله مليئة مترعة بما يكفي.
آسيا الوسطى - أناو - خطوط الانتشار
إنه من المناسب أن نختم هذا الفصل الذي ملأناه بأسئلة لا يمكن الجواب عنها، بهذا السؤال: "أين بدأت المدنية؟ "- وهو كذلك سؤال يعزّ على الجواب؛ فلو أخذنا بما يقوله الجيولوجيون الذين يعنون في أبحاثهم عما قبل التاريخ بضباب أين منه شطحات الميتافيزيقا، لو أخذنا بما يقولونه، لكانت المناطق