وملاقط وفؤوساً ومعازيق وسلالم وأزاميل ومغازل ومناسج ومناجل ومناشير وأشصاص السمك وقباقيب للانزلاق على الثلج وإبرا ومشابك صَدر ودبابيس (35) ثم هاهنا فوق هذا كله ترى العجلة، وهي مخترع آخر من مخترعات الإنسان الأساسية، وضرورة متواضعة من ضرورات الصناعة والمدنيَّة؛ فهي في هذه المرحلة من العصر الحجري كانت قد تطورت إلى قرص وإلى أنواع أخرى من العجلات ذوات الأقطار؛ وكذلك استعملوا كل صنوف الحجر في هذه المرحلة- حتى العِصِيّ منها كالحجر الزجاجي الأسود- فطحنوه وثقبوه وصقلوه، واحتُفِرت الصَّوانات على نطاق واسع؛ فوجدت في أحد محافر العصر الحجري الحديث، في مدينة براندُن بإنجلترا، ثمان حافرات من قرن الغزال، ورؤيت على أسطحها المعفّرة بصمات العمّال الذين وضعوها هناك منذ عشرة آلاف من السنين؛ وفي بلجيكا كشف عن هيكل عظمي لعامل من عمال المناجم في العصر الحجري الحديث، سقط عليه حجر فأرداه، كُشف عنه ولا تزال الحافرة في قبضة يده (36) فعلى الرغم من مائة قرن تفصلنا عنه، نحسّ كأنه واحد منا ونشاطره بخيالنا الضعيف فَزَعَه وآلامه؛ فكم من آلاف السنين قضاها الإنسان وهو يمزق أحشاء الأرض يستخرج الأسس المعدنية التي قامت عليها المدنية!
فلما أن صنع الإنسان الإبر والدبابيس، بدأ ينسج، أو إن شئت فقل إنه لما بدأ ينسج حَرَّكَتْه الضرورة إلى صناعة الإبر والدبابيس؛ ذلك أن الإنسان لم يعد يرضيه أن يدثّر نفسه بفراء الحيوان وجلوده، فنسج صوف خرافه وألياف النبات أردية كانت هي أساس الثوب الذي يلبسه الهندوسيّ، والشَملة التي كان يلبسها اليوناني، والثوب الذي يغطي أسفل الجسم الذي كان يرتديه المصري، وسائر الصنوف الخلابة التي تراها في الثياب عند الإنسان، ثم اصطنع الناس صبغة استخرجوها صنوفا من أخلاط عصير النبات أو مستخرجا الأرض، وصبغوا بها الثياب لتكون علامة ترف ينفرد بها الملوك؛ والظاهر أن الإنسان