وقصة متصلة الأجزاء (?). وسنحاول أن نفعل هذا بتلك الطريقة الشيقة طريقة الطواف في رحلة بهذه الأجزاء. وسنضع أمامنا في خلال هذه الرحلة خريطة، لا تكلفنا غير قليل من الخيال، وسننتقل من مدينة إلى مدينة في العالم اليوناني، وندرس في كل مركز من هذه المراكز حياة الأهلين قبل الحرب الفارسية - أساليبهم الاقتصادية والحكومية، ونشاط علمائهم وفلاسفتهم، وما أنشدوا من الشعر وما أنتجوه من الفنون (?). ولسنا ننكر أن في هذه الطريقة عيوباً كثيرة: فالتتابع الجغرافي لن يتفق كل الاتفاق مع السياق التاريخي، وسنضطر في هذه الرحلة إلى أن نقفز من قرن إلى قرن ومن جزيرة إلى جزيرة، وسنجد أنفسنا نتحدث إلى طاليس وأنكسمندر قبل أن نصغي إلى هومر وهزيود. ولكننا لا يضيرنا قط أن نرى الإلياذة وما فيها من فحش في ضوء التشكك الأيوني، أو أن نستمع إلى شكاية هزيود الشديدة بعد أن زار المستعمرات الأيونية التي جاء منها والده المنهوك. وسنحيط بعض الإحاطة حين نصل في آخر رحلتنا إلى أثينة بالنواحي الكثيرة الاختلاف لتلك الحضارة التي ورثتها والتي حافظت عليها ببسالة في مرثون.
وإذا بدأنا رحلتنا من أرجوس حيث أقام الدوريون المنتصرون حكمهم، وجدنا أنفسنا في إقليم يوناني خالص: في سهل غير مسرف في خصبه، ومدينة صغيرة مهوشة النظام، ذات بيوت صغيرة من الآجر والجص، وهيكل