قصه الحضاره (صفحة 16133)

"لقد أغلقت خليج الأنارشية gulf of anarchy ( المناداة بمبدأ القضاء على الحكومة) وطهرت الطريق من الفوضوية· لقد نقّيت الثورة ووقّرتُ الأُمم ورسخت أقدام الملوك· وضربت المثل وكنتُ القدوة ومددتُ حدود العظمة، وكافأت على كل تميّز·· إن الدكتاتورية كانت ضرورية بكل ما في كلمة الضرورة من معنى· ألن يُقال إنني قمعتُ الحرية؟ لقد كان هذا هو مستهل الحرية· ألن أتّهم أيضاً بأنني كنتُ مولعاً بالحرب ولعاً شديدا؟ لقد كنتُ أنا الذي أتلقّى الهجوم الأول· ألن يُقال إنني كنت أهدف إلى حُكم العالم كله (أن أتربّع على عرش العالم؟) إن أعدائي أنفسهم هم الذين قادوني خطوة بخطوة إلى هذا العزم· وأخيرا، أسوف أُلامُ على طموحي؟ لابد أن يُسمح لي بالطموح بلا شك، فطموحي هو أسمى وأنبل أنواع الطموح، بل وربما أسمى وأنبل أنواع الطموح على الإطلاق - إنه الطموح إلى تأسيس إمبراطورية العقل وتكريسها، وإلى الاستفادة الكاملة من كل القدرات والملكات البشرية والتنعّم بها· هنا ربما يشعر المؤرخ أنه مضطر إلى الأسف لأن هذا الطموح لم يتحقق ولم يُكافأ صاحبه عليه··· هذا هو كل تاريخي في كلمات قلائل"·

وفي 9 مارس 1812 أدفأ قلبه اُلمحبَط بالتنبؤ برؤيا فخورة:

سيظل خيال الفرنسيين طوال الخمسمائة سنة القادمة عامراً بذكراي· إنهم لن يتحدثوا إلا عن عظمة معاركنا العبقرية· فليكن الله في عون من سيجرؤ على الحديث عني بشكل سيء·

5 - المعركة الأخيرة

أدت الاضطرابات الداخلية ونقص التدريبات البدنية إلى أن أصبح نابليون شيخا هَرِماً وهو لا يزال في سني الأربعين· لقد أدّى إصرار لو Lowe على أن يقوم جندي بريطاني بمتابعة الإمبراطور أينما ذهب بحصانه خارج حدود لونجوود إلى غضب الأسير (نابليون) فتحاشى الخروج للتريّض بحصانه أو في عربته· كما أن وجود العسس على مرأى من غرفه جعله يطيل المكث وراء الأبواب المغلقة، كما أدّى عزوفه عن الحياة وأمله ألاّ يطول مقامه في الدنيا إلى سكون وعدم نشاط· لقد كتب بيرتران في سنة 1818:

"مضى مائة يوم منذ··· خرج من المنزل" وذكر لا كاس أن الدورة الدموية للإمبراطور كانت تعاني صعوبات إذ انخفض نبضه إلى 55 نبضة في الدقيقة·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015