فيه الإحكام والحياد، ثم قدمت تقريرها؛ غير أن اليابان انسحبت من العصبة على نفس الأساس الذي دعا الولايات المتحدة سنة 1935 إلى رفضها الاشتراك في "هيئة العدل الدولية"- وهو أنها لا تريد أن تحاكم أمام هيئة قُضاتها هُم أعداؤها؛ وكانت مقاطعة البضائع اليابانية في الصين قد خفضت واردات اليابان إلى الصين بنسبة أربعة وسبعين في المائة بين شهر أغسطس سنة 1932 وشهر مايو سنة 1933؛ لكن التجارة اليابانية في الوقت نفسه كانت تطرد التجارة الصينية من الفلبين وولايات الملايو والبحار الجنوبية؛ ولم تحل سنة 1934 حتى استطاع ساسة اليابان- بمعونة ساسة الصين- أن يحملوا الصين على إقرار تعريفة جمركية في صالح المنتجات اليابانية ضد منتجات الدول الغربية (43).
وفي مارس سنة 1932 عينت السلطات اليابانية "هنري بويي" وارث عرش مانشو في الصين، رئيساً لحكومة دولة منشوكو الجديدة، ثم نصبته بعد عامين ملكاً باسم "كانج ته"، وكان ذوو المناصب في تلك الحكومة إما من اليابانيين أو من أهل الصين الموالين لليابان، وقد كان خلف كل موظف صيني مستشار ياباني (44)؛ فبينما كانت خطة "الباب المفتوح" معترفاً بها من الوجهة الفنية، التمست اليابان سبلها نحو وضع التجارة والموارد المنشوكية تحت سلطانها (45)؛ ولئن تعذر على اليابانيين أن يمضوا في هجرتهم من بلادهم إلى تلك الدولة، فقد تدفقت رؤوس الأموال اليابانية إليها تدفقاً غزيراً؛ ومدت الخطوط الحديدية لأغراض تجارية وعسكرية، وأصلحت الطرق بخطوات سريعة، وبدأت المفاوضات لشراء "السكة الحديدية الشرقية الصينية" من السوفييت؛ ولم يكتف الجيش الياباني الظافر القادر بتنظيم الدولة الجديدة، بل جعل يملي سياسة حكومتها في طوكيو؛ وغزا إقليم "جبهول" بالنيابة عن الملك "بويي"، ثم تقدم حتى كاد يبلغ "بيبنج"، لكنه تقهقر تقهقراً مشرفاً، لينتظر الفرصة السانحة.