وهنا ظن الفرنسيون أنّهم الغالبون، لكنهم علموا فجأة بهجوم 30,000 جندي بروسي راحوا ينشرون الفزع والفوضى في صفوف الفرنسيين· وعندما شرع ني Ney في مواصلة مهمته تماسكت القوات البريطانية بسرعة وتراجع ني Ney، وانتهز ولينجتون هذه الفرصة فصعد قمة منحدر وراح يلوّح بقبعته - كإشارة متّفق عليها لتتقدَّم قواته كلها، وواصلت الطبول والأبواق توصيل الرسالة، فتحوّل 40,000 إنجليزي واسكتلندي وبلجيكي وألماني من الدفاع إلى الهجوم واندفعوا متقدمين لا يهابون الموت· ووهنت الروح المعنوية للفرنسيين وعمهم الانهيار فولّوا مُدْبرين، حتى أفراد الحرس القديم بدءوا يُديرون رؤوس خيولهم متراجعين·
وصاح نابليون مُصدرا الأوامر بالتوقف فذهب صوته أدراج الرياح وسط الجلبة، ولم يعد من الممكن تمييزه (التعرف عليه) بسبب دخان المعركة والأتربة المتصاعدة فاستسلم لهذا الاستفتاء العام (بمعنى أنه أذعن للتحركات العفوية لقوّاته) فأمر بالانسحاب في تشكيلات لكن القوات الفرنسية التي كانت تتعرض لهجوم من قوات تفوقها عدداً بكثير، من المقدمة ومن الجانب - لم يكن لديها الوقت لتنظم نفسها في تشكيلات، فأصبح شعار كل فرد فيها "دع كل فرد يُنقذ نفسه بقدر ما يستطيع" لقد أصبح هذا هو الشعار السائد سواء نطقوا به أم لا، ذلك أنهم لم يعودوا جنودا بل بشراً ليس إلاّ·
ووسط هذه الهزيمة وقف المارشال ني Ney مذهولا بلا حصان، وقد اسودّ وجهه بالبارود وتمزقت ثيابه العسكرية، وسيفه مكسور في يده، هذا السيف الذي طالما حقق به النصر· كان هذا هو وضع ني Ney بطل الأبطال في واترلو,· لقد انضم هو ونابليون إلى أربعين ألف فرنسي يندفعون في الطرقات والحقول إلى جيناب Gennape وإلى كاتر - برا وإلى شارلروي Charleroi ومن ثم عبروا بكل وسيلة متاحة نهر سامبر Sambre إلى فرنسا· لقد ترك الفرنسيون في ميدان المعركة 25.000 ما بين قتيل وجريح و8,000 أسير، وفقد ولينجتون 15,000 وفقد بلوخر 7,000. والتقى المنتصران (ولينجتون وبلوخر) في الطريق بالقرب من لا بِل أليانس La رضي الله عنهelle صلى الله عليه وسلمlliance وتبادلا القبلات فرحاً بالنصر· وترك ولينجتون مهمة ملاحقة الفرنسيين للبروس المتحمسين·
وبلوخر أيضا كان كبير السن بدرجة لا تسمح له بالمطاردة، فترك هذه المهمّة لجنايسناو Gneisenau في جيناب التي أرسل منها خطابا لزوجته: "بالتنسيق مع صديقي ولينجتون أبدنا جيش نابليون"· لكنه كتب أيضا لصديقه كنيزبك Knesebeck: " لقد اضطربت كل أعضائي، فقد بذلنا جهودا مُضنية"·
أما ولينجتون فقد بَسَط الأمر أمام لورد أكسبردج Uxbridge بطريقة حماسية: "لقد وجهنا لنابليون ضربة حاسمة فليس أمامه إلاّ أن يشنق نفسه"·
وفي أثناء الانسحاب انضم نابليون إلى كتيبة أكثر انضباطا من غيرها، وترجّل وسار على قدميه مع الآخرين· وبكى لضياع جيشه، وحزن لأنه لم يَلْق حتفه·