قصه الحضاره (صفحة 16021)

وبعد أن خمدت النيران في موسكو أمر نابليون رجاله بالعناية بالجرحى أو المعدمين (الذين لا يجدون قوتاً) بصرف النظر عن أعراقهم، واتخذ الترتيبات لخزن المؤن التي تركها المواطنون الروس أو استهلاكها على وفق نظام خاص· وكان نابليون يجيب عن الرسائل والاستفسارات التي يحضرها حاملو الرسائل من بلاد رعاياه، وقد راح يفخر في وقت لاحق بأنه طوال إقامته في موسكو لم يقع واحد من حاملي الرسائل - وكانوا يصلون إليه يومياً - في أيدي الأعداء طوال مراحل الطريق· وأعاد نابليون تنظيم جيشه كما أعاد تجهيزه باللازم، وحاول أن يجعل جنوده في حالة قتالية جيدة بالمداومة على التدريبات· لكن جنود الجيش الفرنسي ملّوا هذه العروض· لقد كانت الحفلات الموسيقية والمسرحيات يقدمها الموسيقيون الفرنسيون الذين كانوا مستقرين في موسكو (قبل الغزو الفرنسي)، ووجد نابليون الوقت الذي يجعله يصدر أمراً مفصّلاً بإعادة تنظيم مسرح الكوميدي فرانسيز Comedie-Francaise في باريس·

ومضى شهر ولم تصل لنابليون كلمة واحدة من إسكندر· وتذمّر نابليون قائلا: "إنني أضرب (أهزم) الروس كل يوم، لكن هذا لم يحدث لي في أي مكان". سبتمبر بارد ويأتي بعده أكتوبر وسرعان ما يحلّ الشتاء الروسي· وأخيراً وبعد أن يئس من رد يأتيه من القيصر، أو تحدٍ من كوتوزوف، وبعد أن تحقق من أن كل يوم يمضي يكون موقفه فيه أسوأ - استسلم لقرار أشد مرارة: أن يعود بخفّي حنين (خاوي الوفاض) أو ببعض الأشياء التذكارية القليلة·· لقد قرر العودة إلى سمولنسك، ففيلنا Vilna فوارسو (فرسافا) ··· وأخيراً ليصل إلى باريس· أي نصر هذا؟ أيمكن لمثل هذا النصر أن يُزيل عار الهزيمة؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015