فالقيود التي تفرضها الأخلاق المعتادة على الحرية الفردية هي الأقدم والأشمل والأكثر دواما (الأحكام الأخلاقية تتطور مع تطور المجتمع) · وما دامت مثل هذه القواعد الأخلاقية تنتقل أساسا من خلال الأسرة والمدرسة والكنيسة، فهذه المؤسسات أساسية للمجتمع وتشكل أعضاءه الحيوية· وعلى هذا فمن الحمق أن نترك الأسرة تقوم على أساس زواج الحب، فالرغبة الجنسية لها حكمتها البيولوجية في استمرار النوع واستمرار المجتمع، ولكنها أي الرغبة الجنسية لا تنطوي على حكمة اجتماعية تعين على حياة مشتركة طوال العمر لرعاية الممتلكات والأطفال· ولابد أن يكتفي الرجل بزوجة واحدة، كما لابد أن توضع العراقيل أمام الطلاق ولابد أن تكون ممتلكات الأسرة مشاعا لها لكن إدارتها لابد أن تقع على كاهل الزوج· "وللمرأة دورها المهم في الأسرة من حيث إخلاصها لها وبالتزامها الأخلاقي"·
ولا يجب أن يقيم التعليم أصناما للحرية واللعب (كما هو الحال في فكر بيستالوزي Pestalozzi وفيشته)، فالنظام هو عصب الشخصية، ومعاقبة الأطفال المقصود منها هو منعهم من ممارسة الحرية فهذا المنع موجود في الطبيعة، لتكون القضايا الكلية في وعيهم وإرادتهم·
ولا يجب أن نقيم وثنا للمساواة، فنحن سواء فقط من حيث أن لكل منا روحا، ولا يجب أن نكون أداة لشخص آخر، لكن الواقع يقول إننا لسنا سواء، سواء من الناحية الجسمية أو من ناحية قدراتنا العقلية· وأفضل النظم الاقتصادية هي التي يتاح فيها لذوي القدرات الأعلى تطوير أنفسهم مع إتاحة حرية نسبية لتحويل الأفكار الجديدة إلى حقائق إنتاجية· ولابد أن تكون الملكية خاصة وبدون هذا لن يكون هناك حافز لذوي القدرات الأعلى لإجهاد أنفسهم· ولابد لتحقيق أهداف الحضارة من الإبقاء على الدين كأداة مثلى لأنه يربط الفرد بالكل·
ما دام الدين عاملا متكاملا مع الدولة، يزرع معنى الوحدة في أعماق نفوس الناس، فلابد - حتى - أن تطلب الدولة من كل مواطنيها أن يكونوا أعضاء في الكنيسة· فالدولة لا يمكنها أن تتداخل مع الكنيسة لأن إيمان الفرد قائم على أفكاره الخاصة·