قصه الحضاره (صفحة 15921)

وقد جعل هيجل الجايست (العقل أو النفس) في واحد من تعريفاته الكثيرة مساويا للوعي· والوعي بطبيعة الحال هو سر الأسرار لأنه - أي الوعي - يشبه العضو الذي يفسر التجربة ولكنه لا يستطيع أن يفسر نفسه· ومع هذا فإنه - أي الوعي - أكثر الحقائق جدارة بالملاحظة والإدراك بالنسبة إلينا· والمادة Matter التي قد تكون خارج العقل تبدو أقل غموضا رغم أن معرفتنا بها أقل مباشرة· وهيجل يتفق مع فيشته في أننا نعرف الأشياء فقط بقدر ما هي جزء منا كموضوعات مدركة (كموضوعات يمكن إدراكها)، لكنه - أي هيجل - لم يشكك أبدا في الكون الخارجي (الموجود خارج النفس أو العقل)، فعندما يكون المدرك (بضم الميم وفتح الراء) كائناً آخر بتفاعله مع العقل، يصبح الوعي واعيا بذاته عن طريق التضاد (نقيض الفكرة) عندئذ تولد الأنا (الإيجو صلى الله عليه وسلمgo) بشكل واع وتصبح مدركة (بشكل غير مريح) · إن الصراع (أو التنافس) هو سنة الحياة· ثم يقول فيلسوفنا الصارم إن كل إنسان يهدف إلى تدمير الآخر وموته ويظل الصراع حتى يقبل أحد الطرفين التبعية أو يكون مصيره الموت· وفي هذه الأثناء تتغذى الأنا صلى الله عليه وسلمgo بالتجربة كما لو أنها مدركة أنها يجب أن تتسلح وتتقوى لخوض تجارب الحياة ومحنها·

كل هذه العملية المعقدة التي تحول بها المحسوسات إلى مدركات (بضم الميم وفتح الراء) تخزن ذلك في الذاكرة وتحولها إلى أفكار يتم استخدامها في تنوير الرغبات وتلوينها وخدمتها، تلك الرغبات التي تشكل الإرادة· فالأنا صلى الله عليه وسلمgo هي بؤرة الرغبات وتعاقباتها ومكوناتها، فالمدركات الحسية والأفكار والذكريات والتفكير المتروي مثل الأذرع والسيقان هي أدوات للنفس أو الأنا صلى الله عليه وسلمgo تبحث عن البقاء والمسرة والقوة· وإذا كانت الرغبة عنيفة مفعمة عاطفةً، فإنها تتعزز سواء كانت رغبة صالحة أم شريرة· ولا يجب أن ندين ما هو مفعم عاطفة وحماسا، فلا شيء عظيما في العالم يمكن تحقيقه دون عاطفة إنها قد تؤدي للألم لكن هذا الألم لا يساوي شيئا إن أسهم في الوصول إلى النتيجة المرغوبة· فالحياة لم توجد للسعادة وإنما لتحقيق الإنجاز·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015