وفي سنة 1799 مات والد هيجل تاركاً له 3154 فلورين· لقد كتب إلى شيلنج يطلب مشورته عن مدينة ذات مكتبة عامرة و ein gutes رضي الله عنهier فاقترح عليه شيلنج مدينة يينا Jena وعرض عليه الإقامَة في مقر إقامته، وأتى هيجل في سنة 1801 وسُمح له بإلقاء محاضرات في الجامعة على ألاّ تدفع الجامعة له راتبا، وإنما يتلقَّى أجره من طلبته الذي يجب ألاَّ يزيدوا عن أحد عشر طالبا (ويُعرف المحاضر الذي يعمل على وفق هذا النظام في الجامعات الألمانية باسم Privatdozent) وبعد ثلاث سنوات من هذه المهمة الشّاقة تمَّ تعيينه (أستاذا في مهمّة خاصة) أو بتعبير آخر أستاذاً مكلّفاً Professor extraordinarius، وبعد عام أصبح له لأول مرة دخل ثابت (مائة تالر Thalers) وكان هذا بناء على تدخّل جوته · ولم يكن أبداً مدرساً ذا شعبية، لكنه في يينا (وبعد ذلك في برلين) أثَّر في عدد من الطلبة فارتبطوا به ارتباطا خاصا مكَّنهم من التوغّل إلى ما وراء القشرة الظاهرية الصعبة للغته للوصول إلى أسرار فكره المُفعم نشاطاً وحيوية·
وفي سنة 1801 بدأ في كتابة مقال مهم عن دستور ألمانيا Kritik der Verfassung عز وجلeutschlands لكنه لم يُكمل كتابته (أي تركه منقوصا) ولم ينشر هذا العمل إلاّ في سنة 1893· لقد راح وهو يتأمل أحوال ألمانيا يتذكر الكيانات الصغيرة التي كانت تتكوَّن منها إيطاليا في عصر النهضة مما أدّى إلى وقوعها لُقمة سائغة في أفواه الغزاة الأجانب، كما راح يتذكر نصائح مكيافيللي لأمير قوى كي يهوى بمطرقته على تلك الكيانات الإيطالية المتفرقة ليجعل منها أمّة (واحدة) · ولم يكن هيجل يُعِّول على الإمبراطورية الرومانية المقدّسة وتنبأ بانهيارها الباكر:
إنّ ألمانيا لم تعد دولة··· فمجموعة من البشر لا يمكنها أن تسمّى نفسها دولة إلاَّ إذا ترابط أفرادها معا للدفاع المشترك عن كل ما يخص هذه المجموعة البشرية· لقد دعا إلى توحيد ألمانيا لكنه أضاف قائلاً: ولن يكون هذا أبداً نتيجة فكر أو حماسة، أنَّه لا يكون إلاَّ بالقوّة··· إن جماهير الشعب الألماني لابد أن تتجّمع لتصير كُتلة واحدة لمواجهة أحد الغزاة·