قصه الحضاره (صفحة 15907)

لن أطيق هذا طويلاً، لابد أن أمارس الحياةَ بشكل أعمق، لا بد أن أترك حواسي حرّة - فهذه الحواس هي - تقريباً - أساسي الذي خرجت منه (اشتُقِقتُ منه) على وفق ما تقول به النظريات الكبرى التي تتناول ما وراء الخبرة البشرية transcendental theories ولكنني أيضاً سأعترف الآن كيف أن قلبي يثب والدماء الحارة تندفع في عروقي·· ليس لي دين إلا هذا، وهو أنني أحب الرُّكب الجميلة التكوين والصدور الناهدة والخصور النحيلة والورود التي تفوح عطراً، والإرضاء الكامل لرغباتي، وتلبية كل حب أطلبه، وإذا كان لا بد أن يكون لي دين (رغم أنني أستطيع أن أعيش بدونه بسعادة أكثر) فلا بد أن يكون هذا الدين هو الكاثوليكية في شكلها القديم حيث كان القسس والمصلون من غير رجال الدين يعيشون معاً·· ويمارسون يومياً في بيت الرب House of God المرحَ الصاخب ويعربدون·

ومن المعقول أن يكون هذا العاشق المتحمس للحقيقة المادية الملموسة مروِّعاً للهالة المثالية المحيطة بفيشته في يينا Jena، والتي ظلت - أي هذه الهالة - وراءه حتى بعد أن غادر يينا إلى برلين، لقد عرَّف شيلنج قضية الفلسفة الأساسية بأنها المأزق الواضح بين المادة والعقل، إذ كان من المستحيل (من وجهة نظره) "أن نفكر في أن أحدهما ينتج عنه الآخر"، وانتهى (وهو في هذا يعود مرة أخرى إلى فكر سبينوزا) إلى:

"أنَّه أفضل مخرج من هذا المأزق هو أن نفكر في المادة والعقل كوجهين لحقيقة واحدة معقدة ولكنها متحدة فكل فلسفة تقوم على العقل الخالص وحده هي فلسفة سبينوزية"

(نسبة إلى سبينوزا Spinoza) أو ستصبح كذلك، لكن هذه الفلسفة في رأي شيلنج منطقية على نحو صارم لكن بشكل يُفقدها الحيوية

"إن الإدراك الدينامي للطبيعة لابد أن يُحدث تغييراً أساسياً واحداً في فكر سبينوزا ·· فالإسبينوزية صارمة صرامة شديدة كتمثال بيجماليون Pygmalion تحتاج إلى أن يكون فيها روح"

تلك هي أفكار شيلنج كما عرضها في مقاليه: صورة مبدئية لنظام الفلسفة الطبيعية (1799) ومقال آخر عن المثالية (1800) ·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015