قصه الحضاره (صفحة 15896)

أما مقاله الثاني فهو عن تصحيح الأحكام العامة عن الثورة الفرنسية فهو الأكثر راديكالية· فالمزايا الإقطاعية لا يجب أن تكون متوارثة، وإنما هي وجدت برضا الدولة ولابد من إلغائها بما يتفق مع مصلحة الدولة· والأمر نفسه بالنسبة إلى الممتلكات الكنسية· لقد تم إقرارهم بموافقة الدولة وتحت حمايتها، ويمكن تأميمها على وفق حاجة الأمة وإرادتها· وهذا ما فعلته الجمعية الوطنية الفرنسية، وهي على حق·

لقد نشر هذان المقالان غفلاً من الاسم، ولو كان معروفا أن فيشته هو مؤلفهما ما دعي في ديسمبر 1793 ليشغل كرسي الفلسفة في يينا Jena· وكان الدوق تشارلز أوغسطس Charles صلى الله عليه وسلمugustus لا يزال هو لورد فيمار ويينا · الهادئ، وكان جوته الذي يشرف على هيئة التدريس في الجامعة لم يقرر بعد أن الثورة الفرنسية كانت سقما (مرضا) رومانسيا ·

وعلى هذا فقد بدأ فيشته محاضراته في يينا Jana في الفصل الدراسي الذي يبدأ بعد عيد الفصح في سنة 1794· لقد كان مدرسا مقنعا وخطيبا مفوها يمكنه أن يمزج المشاعر بالفلسفة ويمكنه أن يجعل الميتافيزيقا فوق كل شيء لكن اندفاعه كان مؤثرا في مهنته كأستاذ، وكان ينذر بتمرد واضطراب وتم نشر خمس من محاضراته الأولى في سنة 1794 بعنوان (بعض المحاضرات عن مهمة العالم) طرح فيها فكرة أن الدولة ستختفي في وقت مناسب في المستقبل، لتترك الناس أحراراً حقا، وكانت هذه الفكرة تكاد تكون دعوة للفوضوية anarchistic ( اللاحكومة) وتشابه ما دعا إليه جودوين Godwin في كتابه الذي نشره قبل ذلك بعام (بحث في العدالة السياسية صلى الله عليه وسلمnquiry Concerning Political Justice) :

" المجتمع السياسي ليس جزءا من الأهداف الخالصة للحياة البشرية وإنما هو - فقط - الوسائل الممكنة لتكوين مجتمع كامل· والدولة تميل بشكل مستمر إلى إلغاء دورها، إذا كان الهدف النهائي لكل حكم أن يجعل من نفسه زيادة غير ضرورية· قد يكون علينا أن ننتظر دهورا طويلة لكن سيأتي يوم تصبح فيه كل التشكيلات السياسية غير ضرورية "·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015