وقوامه بوذا جالساً على برعم من براعم اللوتس بين بوذيْن منتظَرَيْن، أمام ستار وهالة من البرونز، لا يفوقهما جمالاً إلا الوشي الحجري الذي نراه على ستار "أورنجزيب" في "تاج محل"؛ ولسنا ندري من ذا أبدعت يداه هذه المعابد فأقامها، وتلك التماثيل فنحتها؛ ولنا أن نقول إنها من إرشاد معلمين كوريين، أو أنها اقتفت نماذج من الصين؛ أو أنها تعزى إلى حوافز من الهند، بل لنا أن نقول إنها متأثرة بمؤثرات يونانية جاءتها من أيونيا البعيدة عبر ألف من السنين؛ لكن الذي لا نشك فيه هو أن هذا الثالوث آية من أبدع آيات الفن في تاريخه كله (?).
ويجوز أن يكون قِصَر قامة اليابانيين، بحيث توشك أجسامهم أن تنوء بحمل مطامحهم وقدراتهم الروحية، هو الذي جعلهم يلتمسون المتعة في إقامة التماثيل الضخمة؛ وقد وفقوا في هذا الفن المحفوف بمواضع الزلل، أكثر مما وفق المصريون أنفسهم؛ فلما فشا الجدري في اليابان سنة 747، كلف الإمبراطور "شومو" "كيميمارو" أن يصوغ تمثالاً ضخماً لبوذا استرضاء للآلهة؛ فاستخدم "كيميمارو" لهذه الغاية أربعمائة وسبعة وثلاثين طناً من البرونز، ومائتين وثمانية وثمانين رطلاً من الذهب، ومائة وخمسة وستين رطلاً من الزئبق، وسبعة أطنان من الشمع النباتي، وعدة أطنان من الفحم، وقد تطلب هذا العمل عامين، واقتضى سبع محاولات؛ فصب الرأس في قالب واحد، أما البدن فكان مؤلفاً من رقائق معدنية كثيرة لصق بعضها ببعض،