أنفسهم تعهداً من دلوني بألا يطلق جنوده النار على الشعب ما لم تكن هناك محاولة الحصن عنوة. ولكن هذا لم يرض الجمع الهائج، فقد كان مصمماً إلى الاستيلاء على الذخيرة التي لا تستطيع بنادقه بدونها أن تقاوم الزحف المنتظر من جنود بيزنفال الأجانب على المدينة. على أن بيزنفال لم يكن حريصاً على الزحف إلى داخل باريس إذ خامره الظن بأن جنوده سيرفضون إطلاق النار على شعب. لذلك انتظر الأوامر من دبرولي، ولكن شيئاً منها لم يصله.
وحوالي الواحدة بعد الظهر تسلق ثمانية عشر من الثوار سور بناء مجاور، ووثبوا إلى داخل الفناء الأمامي للباستيل، وأنزلوا كوبريين متحركين، فعبر المئات فوق الخندق، وأنزل كوبريان آخران، وسرعان ما امتلأ الفناء بجمع متحفز واثق من نفسه. فأمرهم دلوني بالانسحاب، فأبوا، وعليه فقد أصدره أمره لجنوده بإطلاق النار عليهم. ورد المهاجمون على النار وأشعلوا النيران في بعض الأبنية الخشبية والملاحقة للأسوار الحجرية. وحوالي الثالثة انضم أفراد من الحرس الفرنسيين المتطرفين إلى المحاصرين، وأخذوا يقصفون الحصن بخمسة من المدافع التي استولت عليها الجماهير ذلك الصباح من الأوتيل ديزنفاليد. وبعد أربع ساعات من القتال لقي ثمانية وتسعون من المهاجمين وواحد من المدافعين مصرعهم. أما دلوني فحين رأى الجمع لا يفتأ يزداد عدداً بوصول إمداد جديدة، وإذ لم تصله كلمة عده بالعون من بزينفال، ولم يكن لديه مئونة من الطعام تثبت للحصار، فقد أمر جنده بالكف عن إطلاق النار ورفع علم أبيض. ثم عرض الاستسلام إذا سمح لجنوده بالخروج بسلاحهم آمنين، فرفض الجمع الذي هاجمه منظر قتلاه النظر في أي شيء غير التسليم دون قيد أو شرط (82). وأراد دلوني نسف الحصن فمنعه رجاله. وعليه أرسل إلى المهاجمين أسفا الحصن مفتاح لمدخل الرئيسي. واندفع الجمع، وجردوا الجنود من سلاحهم، وقتلوا ستة منهم، وقبضوا على دلوني، وأطلقوا سراح السجناء المذهولين.
وبينما كان كثير من المنتصرين يستولون على ما وصلت إليه أيديهم من سلاح وذخيرة، وقاد فريق من الجمع دلوني إلى الأوتيل دفيل توطئه لمحاكمته