ولكن الإنقاذ جاءهما من شعب باريس.
كانت عوامل كثيرة تحمل الجماهير على الانتقال من الغليان إلى مرحلة العمل. فقد كان سعر الخبز قضية مثيرة لحفيظة ربات البيوت، وانتشرت الشبهة في أن بعض تجار لجملة يحبسون الغلال عن السوق طمعاً في أسعار أعلى حتى مما وصلت إليه (76). وأرسلت السلطات البلدية الجديدة الجند لحماية المخابز مخافة أن يفضي الجوع إلى النهب العشوائي. وكانت القضية التي تؤرق الباريسيين علمهم بأن الأفواج التي في خارج المدينة، والتي لم يتسن بعد كسب تأييدها لقضية الشعب، تهدد الجمعية والثورة. وقد بلغ غضب الجماهير وخوفهم أثر سقوط نكير المفاجئ-وهو الرجل الوحيد في الحكومة الذي كان الشعب قد وثق به-نقطة كفت عندها كلمة واحدة لتثير رداً عنيفاً. ففي 12 يوليو وثب كامي ديمولان، وكان أحد خريجي مدارس اليسوعيين ولكنه أصبح الآن محامياً متطرفاً في التاسعة والعشرين من عمره، فوق مائدة خارج "الكافية دافوا" على مقربة من الباليه-رويال وندد بإقالة نكير باعتبارها خذلاناً للشعب، وصاح "إن الألمان (الجند) في الشان دمارس سيدخلون باريس الليلة ليذبحوا سكانها! " ثم لوح بطبنجة وسيف وهتف "إلى السلاح! " (77). وللتو تبعه فريق من السامعين إلى ميدان فاندوم يحملون تماثيل نصفية لنكير والدوق أورليان، وهناك أكرههم بعض الجند على الفرار، ثم تجمع في المساء حشد في حدائق التويلري، فهاجمهم فوج من الجند الألمان، فقاوموهم بالقوارير والحجارة، فأطلق الجنود النار عليهم وجرحوا كثيرين، وبعد أن تفرقوا عادوا إلى التجمع في الأوتيل وانضم الشحاذون والمجرمون إلى القائمين بالشغب، ثم انقض الجميع على عدة بيوت ونهبوها.
وفي 13 يوليو تجمع الحشد مرة أخرى، ودخلوا دير سان-لازار، واستولوا على مخزونه من الغلال وحملوه إلى السوق في لي هال، وفتح