يقول لسوزان "ولدت لأكون رجل بلاط"، فإذا رأت في هذه الوظيفة "حرفة عسيرة" أجابها "مطلقاً. الاستقبال، والأخذ، والطلب-هذا هو السر في كلمات ثلاث" (121). وفي المناجاة التي جعلها روسيني تدوي في جنبات العالم كله يخاطب نبلاء أسبانيا (وفرنسا) باحتقار يوشك أن يكون ثورياً، "ما الذي صنعتموه لتناولا هذا الحظ الوفير؟ لقد كلفتم أنفسكم مشقة أن تولدوا، لا أكثر، وفيما عدا ذلك فأنتم قوم عاديون تماماً، في حين أنني أنا، التائه وسط الجماهير، كما علي في سبيل تحصيل قوتي فقط أن أستعين بقدر من العلم والحساب يفوق ما أنفق في حكم أسبانيا كلها هذه السنين المائة المنقضية" (122). وهو يهزأ بالجنود الذين "يقتلون ويقتلون في سبيل مصالح يجهلونها تماماً. "أما أنا فأريد أن أعرف لماذا يشتد غضبي" (123)، وحتى النوع الإنساني ينال ما يستحقه من قصاص: "أن يشرب وهو غير عطشان، وأن يمارس الحب في جميع المواسم-هذا وحده ما يميزنا عن سائر الحيوان" (124). ثم يكيل شتى الضربات لبيع الوظائف العامة، وسلطة الوزراء التعسفية، واخفاقات العدالة، وحالة السجون، والرقابة على الفكر واضطهاده "مسموح لي أن أنشر ما أشاء، شريطة ألا أذكر في كتاباتي لا الحكام، ولا دين الدولة، ولا السياسة، ولا الأخلاق، ولا الموظفين، ولا المالية، ولا الأوبرا، ولا ... أي شخص ذي خطر، على أن أخضع لتفتيش رقيبين أو ثلاثة" (125). واتهمت فقرة جنس الذكور بأنهم مسئولون عن البغاة-وهي فقرة حذفها الممثلون، وربما لأنها اقتربت قرباً شديداً من أسباب ترفيههم-: أن الرجال يخلقون العرض بطلباتهم، ثم يعاقبون بقوانينهم النساء اللائي يلبين هذا الطلب" (126). أما حبكة التمثيلية فلم تكتف بإظهار الخادم أذكى من سيده-فهذا تقليد مألوف جداً بحيث لا يسيء لأحد-بل أنها فضحت الكونت النبيل فأظهرته رجلاً زانياً بكل ما في الكلمة من معنى.
وقبل الكوميدي-فرانسيز "زواج فيجارو" في 1781، ولكن لم يتيسر إخراجها حتى 1784. ذلك أنها حين تليت على مسامع لويس السادس