قصه الحضاره (صفحة 14537)

وفي 29 فبراير 1776 وجه إلى الملك رسالة أخرى، أوصى فيها بإرسال المعونة الفرنسية سراً إلى أمريكا، بحجة أنه لا سبيل أمام فرنسا لحماية نفسها من التبعية إلا بإضعاف شوكة إنجلترا (113). ووافق فرجين على هذا الرأي، ورتب كما رأينا أن يمول بومارشيه لتزويد المستعمرات الإنجليزية بالعتاد الحربي. وفرغ بومارشيه بحملته لهذه المغامرة. فنظم شركة "روددريج هورتاليه وشركائه". وراح يتنقل بين الثغور الفرنسية ويشتري السفن ويجهزها ويشحنها بالمؤونة والعتاد، ويجند الضباط الفرنسيين المدربين للجيش الأمريكي، وينفق (في زعمه) عدة ملايين من الجنيهات من ماله الخاص فوق المليونين اللذين أمدته بهما الحكومتان الفرنسية والأسبانية. وقد أبلغ سايلاس دين الكونجرس الأمريكي (29 نوفمبر 1776) "أنني ما كنت لأستطيع إنجاز مهمتي لولا جهود مسيو بومارشيه الذكية السخية التي يعتريها الكلل، هذا الرجل الذي تدين له الولايات المتحدة من جميع الوجوه، أكثر من دينها لأي رجل آخر على هذا الجانب من المحيط" (114). وفي نهاية الحرب قدر سايلاس أن أمريكا تدين لبومارشيه بمبلغ 3. 600. 000 فرنك. أما الكونجرس الذي افترض أن كل العتاد كان منحة من الحلفاء، فقد رفض الطلب، ولكنه في 1835 دفع 800. 000 جنيه لورثة بومارشيه.

ثم وجد أنه خلال هذا النشاط المحموم وقتاً لكتابة المزيد من المذكرات الموجهة إلى الشعب والتي يحتج فيها على مرسوم البرلمان الصادر في 6 أبريل 1773. وفي 6 سبتمبر 1776 ألغى ذلك المرسوم، وردت إلى بومارشيه كل حقوقه المدنية. وفي يوليو 1778 أصدرت محكمة في اكس-أن-بروفانس حكماً لصالحه في النزاع على وصية باري-دوفرنيه، واستطاع بومارشيه أن يحس أنه في النهاية برأ أسمه.

ولم تكفه كل هذه المغامرات في الحب، والحرب، والتجارة، والقضاء، فقد بقي عالم لم يغزه بعد، هو عالم الكلام، والأفكار، والطباعة، وعليه ففي 1767 قدم للكوميدي-فرانسيز أولى تمثيلياته "أوجني"، وقد عرضت في 29 يناير 1769، واستقبلها النظارة استقبلاً حسناً، ولكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015