قصه الحضاره (صفحة 1429)

جدير بالاعتبار؛ أما أكبرها فهي "هوندو" أو "هونشو" ويبلغ طولها 1130 ميلاً ومتوسط عرضها 73 ميلاً، ومساحتها واحد وثمانون ألف ميل مربع، وهي تعادل نصف مساحة الجزر كلها، ويشبه موقعها- كما يشبه تاريخها الحديث- موقع إنجلترا وتاريخها: فقد حمتها البحار المحيطة بها من الغزوات، وحملتها سواحلها الطويلة التي يبلغ مداها ثلاثة عشر ألف ميل على أن تكون أمة بحرية، فكأنما قضى عليها المؤثر الجغرافي والضرورة التجارية أن تبسط لنفسها سيادة واسعة على البحار؛ وتلتقي الرياح والتيارات البحرية الدافئة الآتية من الجنوب، بالهواء البارد الهابط من قمم الجبال، فينتج عن ذلك في اليابان مناخ إنجليزي تملؤه الأمطار، وتكثر فيها الأيام الغائمة بالسحب (4)، ومن ثم تمتلئ أنهارها القصيرة السريعة الانحدار، ويزدهر فيها النبات وتزدان المناظر، فهناك- إذا ما بعدت عن المدن والمساكن العتيقة القذرة- ترى نصف البلاد جنة عدن في ازدهارها، وليست جبالها أكداساً مركومة من الصخر والقذر، بل هي ذوات أشكال فنية، تكاد تبلغ في تخطيطها حد الكمال، كما هي الحال في فيوجى (?).

ولاشك أن هذه الجزر قد ولدتها الزلازل لا القطرات التي انتثرت من الرياح (6)؛ فليس على الأرض مكان- وربما جاز أن نستثني أمريكا الجنوبية- قد عانى كل ما عانته اليابان من اضطراب أرضها، فحدث سنة 599 أن اهتزت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015