يسكرون كل ليلة، ولم يسؤ رأي الناس فيهم لسكرهم هذا" (7). وكان بت الثاني يحضر إلى مجلس العموم مخموراً، واللورد كورنواليس يذهب إلى الأوبرا ثملاً (8). وكان بعض سائقي عربات الأجرة يزيدون دخولهم بطواف الشوارع في جوف الليل والتقاط السادة "المبسوطين" وتوصيلهم لبيوتهم. ثم تناقص السكر بتقدم القرن، واضطلع الشاي ببعض مهمة تدفئة الأوصال وإطلاق الألسنة. وزادت واردات الشاي من مائة رطل عام 1668 إلى أربعة عشر مليون رطل عام 1786 (9). وكانت مشارب القهوة الآن تقدم الشاي أكثر من القهوة.
أما وجبات الطعام فكانت شهية، دامية، هائلة الحجم. وكان الغداء يقدم حوالي الساعة الرابعة عصراً لعلية القوم، ثم أخر شيئاً فشيئاً إلى السادسة باقتراب القرن من نهايته. وقد يهدئ رجل مستعجل جوعه بشطيرة (ساندوتش). وقد اتخذت هذه البدعة اسمها من إيرل ساندوتش الرابع الذي ألف أن يتناول شريحتين من الخبز بينهما لحم متحاشياً قطع القمار بالغداء. أما الخضراوات فتؤكل على مضض. وقد قال جونسن لبوزويل في 1773 "أن التدخين انتهت موضته"، ولكن القوم كانوا يتناولون التبغ نشوقاً. وشاع استعمال الأفيون مسكناً أو علاجاً.
وكان في وسع الرجل الإنجليزي وهو على المائدة أن يشرب حتى ينطلق لسانه، وعندها قد يضارع الحديث نظيره في صالونات باريس ظرفاً ويبزه جوهراً. وذات يوم (9 أبريل 1778) اجتمع فيه جونسون، وجبون، وبوزويل، وآلن رمزي، وغيرهم من الأصدقاء، في بين السر جوشوا رينولدز، قال الدكتور (جونسون) ملاحظاً "أشك في إمكان جمع شمل لفيف كهذا الذي يجلس حول هذه المائدة في باريس في أقل من نصف سنة" (10). وكانت المحافل الأرستقراطية تؤثر الحديث الظريف على حديث العلماء، وتفضل سلوين على جونسن. وكان جورج سلوين أوسكار وايلد القرن الثامن عشر. وقد طرد من أكسفورد (1745) لأنه "زعم في زندقته أنه يتقمص شخصية المخلص المبارك، ولأنه سخر من سر القربان المقدس" (11)،