قصه الحضاره (صفحة 14160)

لجوء المستعمرين إلى نظريات تجريدية في "الحق الطبيعي". ولكنه نزل بالمسألة إلى حيث يستطيع الرجال العمليون أن يفهموه: فهل فرض الضرائب على أمريكا ممكن عملياً؟ وفي خطابه عن الضرائب الأمريكية (19 أبريل 1774) لم يكتف بإدانة قوانين تاونسنهند بل أدان أيضاً ضريبة البنسات الثلاثة على الشاي، وحذر من أن إضافة ضرائب على القيود الصناعية والتجارية المفروضة فعلاً على أمريكا ستحمل المستعمرين على المضي في ثورة من شأنها أن تمزق الإمبراطورية البريطانية الوليدة وتلوث سمعة البرلمان.

فلما هزم في هذه القضية جدد في 22 مارس 1775 طلب المصالحة. وقال إن التجارة مع أمريكا قد تضاعفت عشر مرات بين عامي 1704 و1772 (111) -ثم تساءل أمن الحكمة تمزيق تلك التجارة وربما التضحية بها بالحرب؟ وقال أنه يخشى أن الحرب مع المستعمرين ستترك إنجلترا ومعرضه للهجوم من عدو أجنبي، وهو ما حدث في 1778. ووافق على أن تمثيل الأمريكيين في البرلمان جعله أمراً غير ممكن عملياً، ولكنه اكتفى بأن يطلب بالا تعتمد إنجلترا على الضرائب بل على المنح الاختيارية من مجالس المستعمرات، وقد تزيد هذه المنح على حصيلة الضرائب المباشرة بعد خصم نفقات جمعها بالقوة (112).

على اقتراحه هذا رفض بأغلبية 270 ضد 78، ولكن كان عزاء له أن يكسب لقضيته بلاغة وحذق تشارلز جيمس فوكس، وهكذا بدأت صداقة وثقت عراها الثورة الأمريكية وفصمتها الثورة الفرنسية. وقد وصف جيون خطاب فوكس الذي ألقاه في 31 أكتوبر 1776 بأنه أقدر ما ألقاه في حياته من خطب، وذهب هوراس ولبول إلى أنه "من أروع خطب فوكس وأشدها حيوية" (113) وقد وقف ولبول في صف دعاة المصالحة، ورثى لانهيار الحنكة السياسية البريطانية في ظل حكومة اللورد نورث، وفي 11 سبتمبر 1775 كتب إلى هوراس مان يقول:

"تقرر أن يجتمع البرلمان في العشرين من الشهر القادم ويصوت على إرسال 26. 000 بحار. فياله من قرار دموي! ليت شعري بأي صنوف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015