أن يشغل منصب الرئيس الأعلى للخزانة، وهو أبرز المناصب الوزارية اسمياً. على أن زملاء بت لاحظوا أنه يقرر السياسة دون أن يشاورهم أو رغم معارضتهم، وقد تنفس كثيرون الصعداء حين ذهب إلى بات ملتمساً تهدئة آلام النقرس الذي يشكوه. وقد حقق هذا الهدف ولكن بعقاقير شوشت عقله. فلما عاد إلى لندن لم يكن في حال تسمح له بالاهتمام بالسياسة. وفي أكتوبر 1768 استقال، وأصبح جرافتن كبيراُ للوزراء.
وفي فترة الفوضى السياسة هذه (1766 - 68) تكتل لفيف عرفوا بـ "أصدقاء الملك" ليدعموا أهداف الملك. فأرشدوا جورج في توزيع الغنائم لقاء تأييد نائليها لسياسته، واستخدموا كل وسيلة لانتخاب مرشحين وتقديم وزراء موالين للآراء الملكية. فلما تورط جرافتن في مصاعب وأخطاء فاضحة ضاعفوا من ارتباكه حتى استقال (27 فبراير 1770). وفي 10 فبراير أحرزوا أعظم نصر لهم إذ بدأ فردريك نورث سني خدمته الأثنتي عشرة وزيراً للخزانة (وهو معروف لنا اللورد نورث، وإن لم يرث هذا اللقب إلا في 1790).
كان نورث رجلاً ضعيفاً وإن لم يكن شريراً. وإحساسه بالولاء والرحمة هو الذي أبقاه في منصبه وأكسبه مكاناً غير كريم في التاريخ. وقد ابتسم له الحظ لأنه كان ابن إيرل جلفورد، فحظي بكل مزايا التعليم والاختلاط بالمجتمع الراقي، وأصبح نائباً في مجلس العموم ولما يجاوز الثانية والعشرين، واحتفظ بمقعده في قرابة أربعين عاماً. وأكتسب صداقة الكثيرين بفضل تواضعه ولطفه ودماثته وظرفه (?) ولكنه اتبع الجانب المحافظ في ثبات غالى فيه حتى لم يسر أحداً سوى الملك. فقد أيد قانون الدمغة وطرد ولكس، وواصل الحرب مع أمريكا (إلى مراحلها الأخيرة) ودافع عن سياسات جورج الثالث حتى وهو يشك في حكمتها، وعد نفسه عاملاً للملك،