قصه الحضاره (صفحة 1406)

إن إرادة الله واضحة ورغبات الشعب غير خافية. فكيف أستطيع أن أعارض رغبات الملايين الكثيرة للاحتفاظ بمجد أسرة واحدة وكرامتها؟ ومن أجل ذلك فإني أنا والإمبراطور نرى أن تكون الحكومة في الصين جمهورية دستورية إجابة لرغبات الشعب في داخل الإمبراطورية كلها، وعملاً بآراء الحكماء الأقدمين الذي كانوا يرون أن العرض تراث عام (14).

وكانت الثورة كريمة كل الكرم في معاملتها لبو- يى؛ فقد أمنته على حياته ومنحته قصراً مريحاً ومرتباً سنوياً يقوم بشئونه وخليلة يسكن إليها. لقد جاء المنشو إلى الصين آساداً وخرجوا منها حملاناً.

وكان مولد الثورة هادئاً سلمياً، ولكن حياتها كانت حياة عاصفة مليئة بالأحداث. فقد كان ليوان شي- كاي وهو سياسي من الطراز القديم جيش قادر على مقاومة الثورة. وطلب أن يكون ثمن تأييده إياها أن يتولى رياسة الجمهورية، وأجابه صون يات- صن إلى ما طلب واعتزل الحياة العامة في كرم وعزة نفس، وكان قد بدأ منذ قليل يستمتع بمنصبه الجديد. وأخذ يوان يعد العدة لأن يجعل نفسه إمبراطوراً وينشئ أسرة حاكمة جديدة مستعيناً في عمله هذا بجماعات مالية قوية أجنبية ووطنية؛ وحجته في هذا أن الإمبراطورية هي السبيل الوحيد لمنع تدهور الصين وتفككها. واتهمه صون يات- صن بالخيانة وأهاب بأتباعه أن يجددوا عهد الثورة، ولكن يوان مرض ومات قبل أن يصل الأمر إلى امتشاق الحسام.

ولم تعرف الصين النظام والوحدة من ذلك الحين. فقد تبين أن صون يات- صن رجل أحلام يسبح في بيداء الخيال، وأنه خطيب مفوه ولكنه سياسي عاجز عن تولي زمام الحكم وقيادة الأمة إلى بر السلام، فكان ينتقل من خطة إلى خطة ومن نظرية إلى أخرى، أغضب من عاونوه من الطبقات الوسطى بما أظهر من ميل إلى الشيوعية، وانتهى أمره بالانزواء في كانتون ليعلم شبابها ويبث فيهم روحه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015