قصه الحضاره (صفحة 1404)

ثغور المعاهدات مما أوغر صدره وجعله يفكر في الثورة. وكان عجز الحكومة الفاسدة الرجعية عن أن تقي الصين العظيمة مذلة الهزيمة على يد اليابان الصغيرة، وتجزئة البلاد بين الدول الأوربية لأغراضها التجارية، مما أشعره بالمذلة وملأ قلبه حقداً وضغينة على تلك الحكومة، فاعتقد أن أول خطوة يجب عليه أن يخطوها في سبيل تحرير الصين هي أن يقضي على أسرة المنشو.

وكانت أولى حركاته شاهداً حقاً على ثقته بنفسه، ومثاليته، وبساطته. ذلك أنه ركب سفينة تجارية دفع أجرها من ماله الخاص وسار بها مدى ألف وستمائة ميل نحو الشمال ليعرض على لي هونج- جانج نائب الملكة الوالدة مشروعاته التي تهدف إلى إصلاح أحوال البلاد واستعادة عزها وكرامتها. فلما رفض هذا الحاكم مقابلته بدأ حياة كلها مغامرات وتجوال لجمع المال الذي يؤجج به نار الثورة الصينية، ولقي معونة من كثير من النقابات التجارية والجمعيات السرية القوية التي كان قادتها يحسدون الطبقة الحاكمة الأرستقراطية ويتوقون إلى إقامة نظام للحكم يكون فيه للطبقات الحديثة من أرباب المصانع والمتاجر شأن يتناسب وثروتهم المتزايدة. ثم غادر الصين وأبحر إلى أمريكا وأوربا يجمع المال القليل من ملايين الغسالين وآلاف التجار الصينيين. فلما جاء إلى لندن اعتقلته المفوضية الصينية دون سند قانوني وأوشكت أن ترسله سراً إلى الصين مكبلاً بالأغلال بحجة أنه خائن لحكومته، ولم ينجه إلا مبشر ممن علموه في صباه، فنبه الحكومة البريطانية وتدخلت هذه في الأمر وأنقذته. وظل خمسة عشر عاماً أخرى يتنقل من مدينة إلى مدينة في جميع أنحاء العالم، وجمع في تجواله مليونين ونصف مليون من الدولارات ليمول بها الثورة، ويلوح أنه لم ينفق شيئاً من هذا المال على نفسه. ثم جاءته على حين غفلة في أثناء تجواله رسالة تنبئه أن قوات الثورة قد استولت على الجزء الجنوبي من بلاد الصين، وأنها بسبيل الاستيلاء على شمالها، وإنما اختارته رئيساً مؤقتاً للجمهورية الصينية. وبعد بضعة أسابيع من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015