أن تطيق آلام الغير دون أن تجفل، وأن تغضي عن استقلال الأقوياء للضعفاء باعتباره شراً لا قبل لها بعلاجه.
وقد أرهبتها الثورة الفرنسية بعد ما أزعجها العديد من المؤامرات لخلعها وأخافتها فتنة بوجاشيف. وقد أطاقتها راضية حين توقعت ألا تكون أكثر من إطاحة بأرستقراطية عاطلة وحكومة عاجزة؛ ولكن حين أكره حشد من رعاع باريس لويس السادس عشر وماري انطوانيت على ترك فرساي وسكنى التويلري وسط جماهير أفل زمامها-وحين أعلنت الجمعية التأسيسية أنها صاحبة السلطة العليا، وحين ارتضى لويس أن يكون الأداة المنفذة لأوامرها لا غير-عندها ارتعدت كاترين فرقاً من التشجيع الذي أعطى بالمثل للذين سعوا إلى أن يفعلوا نظير هذا في روسيا. فسمحت للأكليروس بأن يحظروا نشر أعمال فولتير التي كانت يوماً ما موضع حبها (111). ثم حرمت هي ذاتها بعد قليل جميع المطبوعات الفرنسية؛ ونقلت تماثيل فولتير النصفية من قاعاتها إلى حجرة لسقط المتاع (1792) (112) ثم نفت المثالي راد يشتشيف (1790)، وسجنت نوفيكوف المشرب بروح خدمة المجتمع (1792)، وفرضت رقابة تفتيشية على الأدب والمسرحيات. فلما قطع رأساً لويس السادس عشر وماري أنطوانيت بالجيلوتين (1793) قطعت صلاتها مع الحكومة الفرنسية، وحضت الملكيات الأوربية على تأليف تحالف ضد فرنسا. ولك تنضم هي ذاتها لذلك التحالف، بل استعملته لتشغل به الدول الغربية ريثما تتم ابتلاعها لبولندة. وقد قالت لأحد دبلوماسييها "إن كثيراً من مشروعاتي لم يستكمل بعد، ويجب شغل بلاطي برلين وفيينا حتى يتركانا طلقاء بغير قيود" (113).
على أن آثاراً ضئيلة تخلفت من تحررها القديم وبقيت حتى 1793. ففي ذلك العام أبلغها أحد الحاشية أن فردريك-سيزار دلاهارب، الذي كان المعلم الخاص لحفيديها، جمهوري عنيد. فأرسلت في طلبه وأنبأنه بالخبر، فأجاب "إن جلالتك كنت على علم قبل أن تكلي إلى تعليم الغراندوقين أنني سويسري، وإذن فجمهوري" ثم رجاها أن تمتحن تلميذيه، وأن