علنية، وأن يبطل استخدام التعذيب، وأن تلغى عقوبة الإعدام قانوناً وواقعاً. أما العبادة الدينية فينبغي أن تكون حرة، "فالتعصب هو أضر الكبائر بين هذه الكثرة من مختلف العقائد" (49). ثم قدمت هذه التعليمات قبل طبعها إلى مستشاريها، فنبهوها إلى أن أي تغيير فجائي من الأحوال المألوفة سيدفع بالروسيا إلى مهاوي الفوضى؛ وقد سمحت لهم بتعديل مقترحاتها، لا سيما ما استهدفت عتق الأرقاء تدريجياً (50).
وقد دفعت هذه التعليمات التي نشرت في هولندة في 1767 صفوة المفكرين الأوربيين إلى الثناء الحماسي عليها، حتى بعد أن عدلت على هذا النحو. وأرسلت الإمبراطورة نسخة منها رأساً إلى فولتير، الذي قدم فروض احترامه المعهودة: "سيدتي، تلقيت البارحة ضماناً من ضمانات خلودك-هو مجموعة قوانينك في ترجمة ألمانية. وقد شرعت اليوم في ترجمتها إلى الفرنسية. وسوف تظهر في الصينية، وفي كل لسان، وسوف تكون إنجيلاً للبشر أجمعين (51). وأضاف في رسائل تالية: "إن المشرعين يحتلون مكان الصدارة في هيكل المجد، أما الفاتحون فيأتوهم من بعدهم ... إنني أعد (التعليمات) أجل آثار هذا القرن" (52). ومنعت الحكومة الفرنسية بيع (التعليمات) في فرنسا.
وقدمت "التعليمات" المعدلة إلى "لجنة صياغة القانون الجديد" التي اجتمعت في 10 أغسطس 1767. وكانت تتألف من 564 عضواً تنتخبهم جماعات شتى: 161 من النبلاء و208 من المدن، 79 من الفلاحين الأحرار، و54من القوزاق، و34 من القبائل غير الروسية (مسيحيين أو غير مسيحيين) و28 من الحكومة. ولم يمثل الاكليروس بصفتهم طبقة، ولم يمثل الأقنان إطلاقاً. وكانت اللجنة من بعض وجوها نظير لمجلس طبقات الأمة الفرنسي الذي تقرر أن يجتمع في باريس في 1789، وقد أتى المندوبون للحكومة بقوائم احتوت المظالم ومقترحات الإصلاح من دوائرهم على نحو ما سيفعل مندوبو ذلك المجلس الأشهر. ورفعت هذه الوثائق إلى الإمبراطورة فأتاحت لها ولمساعديها مسحاً قيماً لحالة المملكة.