أسرار ملغزة، وأضفى دم الشباب المضطرم بالرغبة المكبوتة على مفاتن النساء تصوراً مثالياً، تلك المفاتن التي زدنها إغراء في ذكاء وحكمة باحتجابهن وحيائهن. وفي 1774 نشر السير وليم جونس كتابه "شروح على الشعر العربي" الذي كشف للعقول اليقظة في غربي أوربا عن حب المسلمين للشعر وما ينطوي عليه من رقة وعاطفة مشبوبة. أما أعظم فحول الشعراء العثمانيين في القرن الثامن عشر فهو نديم، الذي تغنى بشعره أيام السلطان محمد الثالث (1703 - 30):
إيه أيها الحب الحائر، إن قلبي وروحي ضاعا هباءً
وفرغ مني الصبر وذهب الجلد
ذات مرة كشفت عن صدرها البديع،
فإذا الراحة والسلام يهربان من صدري ...
لها خال في خدها وثني، وضفائر وثنية، وعيون وثنية ...
أقسم أن دنيا جمالها القاسي بأسرها وثنية خالصة.
ولقد وعدتني بقبلات على نحرها، وبقبلات على صدرها،
ولكن ويلي فقد حنثت الوثنية بوعدها السابق.
يا للرشاقة المحببة التي أبرزت بها غدائرها من تحت طربوشها،
كل مخلوق أبصرها تأمل حسنها مشدوهاً لتوه.
يا قاسية القلب، لأجلك يبكي الرجال وينوحون يأساً،
إن قدك الرقيق لزكي من كل شذى وأبهج من كل لون،
فليت شعري هل أرضعتك وردة عطرة من ثديها.
وأنك لتقبلين أيتها الحلوة وفي إحدى يديك وردة وفي الأخرى كأس.
فلا أدري أي الثلاثة آخذ- الوردة أم الكأس أم أنت.