برقصه أكثر من موسيقاه (73). وإذا لم يكن كريماً سمح النفس مع منافسيه، فإنه كان أريحياً دون تفكير تقريباً مع كل من عداه. وندر أن رد سائلاً. فأقترض منه ضابط أوتار البيانو المرة بعد المرة دون أن يرد قروضه. وكان موتسارت لا يخفي احترامه الشديد للمال، ولكن مرد ذلك أنه كان يفتقر أشد الافتقار إلى الوقت أو الميل للتفكير في المال، حتى أنه كثيراً ما أعوزه هذا المال. وإذ اضطر إلى الاعتماد على وسائله في كسب المال، واضطر إلى أن يعول أسرة بمنافسة عشرات الموسيقيين الغيورين منه فقد أهمل شؤون ماله، وسمح لمكاسبه أن تتسرب من بين أصابعه دون اكتراث منه، وأنحدر إلى درك الإملاق اليائس وهو يكتب أروع موسيقى جيله في سمفونياته الثلاث الأخيرة وأوبراته الثلاث الأخيرة.
1782 - 1787
لقد بدأ حيات الاحتراف موسيقياً مستقلاً في فيينا بنجاح قرت به عينه. فكان يتقاضى أجراً طيباً على الدروس التي يعطيها، وأتاه كل كونشرتو عزف في 1782 - 84 بنحو خمسمائة جولدن (74). ولم ينشر من مؤلفاته في حياته سوى سبعين، ولكنه تقاضى عنها ثمناً معقولاً. وأعطاه الناشر أرتارين مائة دوقاتية نظير الرباعيات الست المهداة إلى هايدن-وكان ثمناً طيباً في تلك الأيام (75). وخسر ناشر آخر يدعى هوفمايستر بطبعه رباعيات موتسارت للبيانو في مقام G الصغير (ك478) و صلى الله عليه وسلم الخفيض (ك493)، فقد وجدها الموسيقيون عسيرة جداً (وهي الآن تعد سهلة)، وأنذر هوفمايستر قائلاً: "أكتب بشعبية أكثر وإلا فلن أستطيع أن أطبع المزيد من مؤلفاتك أو أنقدك عنه" (76). وكان موتسارت يتقاضى الأجر العادي عن أوبراته، وهو مائة دوقاتية، ولكنه تقاضى عن "دون جوفاني" 225 دوقاتية مضافاً إليها حصيلة حفلة موسيقية أحييت لصالحه. واجتمع له في هذه السنين "دخل طيب جداّ" (77) كتب أبوه وقد زاره في 1785 يقول "إذا لم يكن على ولدي ديون مستحقة ففي ظني أنه يستطيع الآن أن يودع في المصرف ألفي جولدن" (78).