قصه الحضاره (صفحة 13594)

لا عجب إذا كان موتسارت قد أنتج بعضاً من ألذ الألحان في التأليف الموسيقي قاطبة، لا سيما في سنوات حبه لألويسية فيبر. وهي ليست أغاني (ليدات) مكتملة التفتح كالتي حققت تطويرها الناجح على يد شوبرت وبرامز، إنما هي أبسط وأقصر، تزين في الغالب كلمات سخيفة، ولكن موتسارت إذا وجد شعراً بمعنى الكلمة كقصيدة جوته (البنفسجية) "ارتفع إلى ذرى الشكل (ك476). فها هنا بنفسجة مرتعشة فرحاً باقتراب راعية حسناء تقول في نفسها ما أحلى الرقاد على صدرها؟ ولكن بينما كانت الراعية تمشي وهي تغني في جذل إذا هي تسحقها تحت قدمها دون أن تلحظها" (54). أكانت هذه ذكرى ألويسية القاسية؟ لقد كتب لها موتسارت من قبل لحناً من أرق ألحانه Non So عز وجل'onde عز وجلiene. ولكنه لم يلقِ بالاً إلى مثل هذه الأغاني المنعزلة، فقد احتفظ بموارد فنه الصوتي الخفية لألحان أوبراته وللمؤلفات التي وضعها للكنيسة.

على أنه قل أن سمعت موسيقاه الدينية خارج سالزبورج، لأن الكنيسة الكاثوليكية لم ترضَ عن المحسنات الأوبرالية التي كان رؤساء الأساقفة الذين خدمهم موتسارت يتوقعونها منه فيما يبدو. فالقداس المطول في سالزبورج كان يرتل في مصاحبة الأرغن، والوتريات، والأبواق، والترنبونات، والطبول، وكانت فقرات من المرح تنطلق فجأة في أكثر المواضع وقاراً ورهبة في قداسات موتسارت. ومع ذلك فإن الروح الدينية لابد تحركها موتينات نسجد لك (ك327) و"القديسة مريم أم الرب" (ك341 ب)، وأبدع نغم يفوق جماله الموصول كل أنغام موتسارت يظهر في "سبحوا الرب" في القسم الرابع من تسبيحة الاعتراف المسائية (ك339) (55).

يمكن القول عموماً أن موسيقى موتسارت هي صوت عصر أرستقراطي لم يسمع بسقوط الباستيل، وحضارة كاثوليكية لم يكد إيمانها مكدر، حرة في الاستمتاع بمباهج الحياة دون أن تسعى هذا السعي الحثيث لتجد مضموناً جديداً لحلم أفرغ من مضمونه القديم. وهذه الموسيقى في جوانبها الأخف تتسق مع رشاقة الزخرف الركوكي، ومع رومانسيات فاتو التصويرية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015