قصه الحضاره (صفحة 13587)

يشعر بتأثيرات قوية من هندل ويوهان سبستيان باخ إلا في عقده الأخير. وفي 1782 انضم إلى الموسيقيين الذين كانوا يحيون الحفلات تحت رعاية البارون جوتفريد فان زفيتن، وأكثرها من تأليف هندل وباخ، في المكتبة القومية أو في بيت فان زفيتن. وفي 1774 كان البارون قد جلب من برلين إلى فيينا كتاب (فن الفوجة) و (الكلافورد الحسن الضبط) وغيرهما من أعمال ي. س. باخ. واستنكر الموسيقى الإيطالية لأنها تفتقر إلى الإتقان الشديد، ورأى أن الموسيقى الحقة تتطلب الالتفاف الدقيق للفوجة، والبولوفونية، والكونترابنط. أما موتسارت فهو وإن لم يسمح قط للبناء أو القاعدة أو التشكل بأن تكون غالية في ذاتها، فقد أغد من نصيحة فان زفيتن وموسيقاه، ودرس هندل وآل باخ الكبار بعناية. بعد 1787 قاد موسيقى هندل في فيينا، وسمح لنفسه بشيء من الحرية في توفيق مدونات هندل لأوركسترا فيينا. وفي موسيقاه الآلية اللاحقة زواج بين الميلوديا الإيطالية والبولفونية الألمانية في وحدة متسقة.

والنظرة العجلى إلى كتالوج كوشل لمؤلفات موتسارت هي إحدى التجارب الشديدة الوقع في النفس. فهناك قائمة ضمت 626 عملاً-وهي أكبر حجم من الموسيقى خلفه أي مؤلف عدا هليدن، وكلها أنتج في حياة صاحبها التي لن تتجاوز ستاً وثلاثين سنة، وتحوي روائع من شتى الأشكال: 77 صوتا، و8 ثلاثيات، و29 رباعية و5 خماسيات، 51 كونشرتو، و96 قطعة خفيفة (ديفرتمنتي) أر رقصات أو سرينادات، و52 سمفونية، و90 لحنا أو أغنية، 60 مؤلفاً دينياً، و22 أوبرا. وإذا كان بعض ن كانوا قريبين من موتسارت حسبوه كسولاً، فربما كان السبب أنهم لم يدركوا تماماً أن عناء الروح قد يضني الجسد، وأن العبقرية إذا حرمت فترات الكسل انزلقت إلى الجنون. وقد قال له أبوه (إن التأجيل خطيئتك التي لا تفتأ محدقة بك) (37). وكان موتسارت في كثير من الحالات يؤجل ساعة تدوين الموسيقى التي كانت تتخلق في رأسه. قال "إنني-إن شئت-منقوع في الموسيقى. فهي في عقلي طوال اليوم، وأنا أحب أن أحلم بها، وأدرسها، وأتأملها" (38). وقد روت زوجته "كان دائم النقر على شيء ما-على قبعته، أو كاتينة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015