قصه الحضاره (صفحة 13093)

وقد راع مدام دو دفان منه في أول لقائها به (1743) اتساع ذهنه ونصوع تفكيره. وكانت يومها في السادسة والأربعين، وهو في السادسة والعشرين. فتبنته "قطها الوحشي" (99) ولم تكتف بدعوته لصالونها بل دعته أيضاً إلى تناول الطعام معها على انفراد؛ وأقسمت بأنها على استعداد "لتنام اثنتين وعشرين ساعة من الأربعة والعشرين، ما دمنا ننفق الساعتين الباقيتين معاً" (100) وكان قد انقضى على هذه الصداقة الحميمة أحد عشر عاماً حين دخلت جولي حياتهما.

كان هناك رباط عائلي طبيعي بين الابن الطبيعي والابنة الطبيعية. وقد دون دالامبير هذه الحقيقة وهو يسترجع ذكراها فيما بعد:

"كان كلانا يفتقد الوالدين والأسرة، وإذ عانينا الهجر، وسوء الطالع، والشقاء منذ ولادتنا، بذا أن الطبيعة بعثت بنا إلى العالم ليجد الواحد منا صاحبه، وليكون له كل ما افتقده، ولنقف معاً كأننا صفصافتان، وأحنتهما العاصفة دون أن تقتلعهما، لأنها في ضعفهما تشابكت أغصانهما" (101).

وأحس بهذا الانجذاب لأول نظرة تقريباً. كتب لها عام 1771 يقول: - "إن الزمن وطول الألفة يبليان كل الأشياء، ولكنهما عاجزان عن أن يمسا حبي لك، وهو حب ألهمتنيه قبل سبعة عشر عاماً" (102) ومع ذلك تريث تسع سنوات قبل أن يفصح عن غرامه، وحين فعل ذلك بطريقة غير مباشرة. كتب لها من بوتسدام في 1763 يقول: أن له في رفض دعوة فردريك له أن يصبح عميداً لأكاديمية برلين للعلوم "ألف سبب، منه سبب لا يخطر لك أن تحزريه" (103) وتلك زلة في الذكاء تستغرب عن دالامبير، فهل في الوجود امرأة لا تعرف أن رجلاً من الرجال يهواها؟

وأحست مدام دو دفان ذلك الود المتزايد بين ضيفها المقدر وابنة أخيها المحروسة، كذلك لحظت أن جولي تغدو محور النقاش والاهتمام في الصالون. وظلت برهة لا يبدر منها لوم ولا عتاب، ولكنها في رسالة إلى فولتير (1760) أبدت ملاحظات مرة حول دالامبير. وسمحت لصديق أن يقرأ على ضيوفها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015