لم يؤتَ لويس الخامس عشر كما لم يؤتَ من قبله لويس الرابع عشر فن الموت في الوقت المناسب. لقد كان عليماً بأن فرنسا تترقب زواله، ولكنه لم يطق التفكير في الموت. كتب السفير النمساوي "أن الملك يبدي الملاحظات بين الحين والحين عن سنهِ، وصحتهِ والحساب العسير الذي لا بد أن يقدمه يوماً ما للخالق الأعظم" (108). وقد يتأثر لويس تأثراً عابراً باعتكاف ابنته لويز-ماري في دير كرملي تكفيراً عن ذنوب أبيها فيما زعموا؛ وقيل إنها كانت تدعك أرض الحجرات وتغسل الملابس. فلما ذهب لزيارتها وبخته على عيشته وتوسلت إليه أن يطرد دوباري ويتزوج الأميرة دلامبال ويصلح ما فسد بينه وبين الله.
وقد مات عدة أصدقاء له في أخريات عهده، وقع اثنان منهم صريعين تحت قدميه بهبوط في القلب (109). ومع ذلك بدا أنه يجد لذة رهيبة في تذكير الشيوخ من حاشيته بقرب موتهم. قال مرة لأحد قواده. "إنك تشيخ يا سوفريه، فأين تريد أن تدفن؟ " فأجاب سوفريه "عند قدمي جلالتك يا مولاي". وقيل أن هذا الجواب "جعل الملك واجماً كثير التفكير (110) ". وقالت مدام دؤوسيه أنه "لم يُخلق رجل أكثر منه اكتئاباً وغماً (111) ".
وكان موت الملك انتقاماً طال انتظاره، انتقمه على غير عمد جنس النساء الذي هام به وحط من كرامته، فحين لم تكفِ حتى دوباري لإشباع شهوته، جاء إلى فراشه بفتاة يبلغ من حداثتها أنها لم تكد تبلغ سن الزواج. وكانت تحمل جراثيم الجدري، فنقلت عدواه إلى الملك. وفي 29 إبريل 1774 بدأ هذا المرض يهاجمه. وأصرت بناته الثلاث على ملازمته وتمريضه مع أنهن لم يسبق لهن التحصين ضد الجدري (وقد أصبن بالمرض جميعهن ولكنهن شفين) وكن يتركنه في الليل فتحل دوباري محلهن. غير أن الملك صرفها برفق حين رغب في تناول الأسرار المقدسة في 5 مايو قائلاً: "أعلم الآن أنني مريض مرضاً خطيراً. أن فضيحة متز يجب ألا تتكرر.