ولم يلبثوا أن ضربوا له المثل بأنفسهم فناشدهم قائلاً: "يا أبنائي لا تتركوني الآن، أنا ملككم، وأبوكم! " ولكن ما من حض قان قادراً على إقناعهم بالتقدم مرة أخرى. فلقد حارب الكثيرون منهم ست ساعات تحت شمس محرقة، دون وقت أو فرصة يتناولون فيها قدحاً من الماء. فلاذوا بالفرار وأخيراً لحق هو بهم، مخلفاً وراءه 20. 000 ما بين أسير، وجريح، وقتيل مقابل خسارة للأعداء قدرها 15. 700. وبين الذين جرحوا جروحاً مميتة إيفالد فون كلايست، أعظم شعراء العصر الألماني.
وحالما وجد فردريك مكاناً يستريح فيه أرسل إلى الأمير هنري رسالة يقول فيها "لم يبقَ لي في هذه اللحظة سوى 3. 000 من جيش بلغ 48. 000 مقاتل، ولم أعد السيد المسيطر على قواتي .. أنها لكارثة فادحة، ولن أعيش بعدها". وأبلغ قواده أنه يوصي بالقيادة للأمير هنري. ثم ارتمى على بعض القش واستغرق في النون.
وفي الغد وجد أن 23. 000 من الهاربين من المعركة عادوا إلى فرقهم خجلين من هروبهم، مستعدين للعودة إلى خدمته إن لم يكن لشيء فلأنهم يتوقون إلى الطعام. ونسي فردريك أن يقتل نفسه، وبدلاً من هذا أعاد تنظيم هؤلاء وغيرهم من الجنود المساكين في جيش جديد بلغ رجاله 32. 000، وأتخذ له موقعاً على الطريق من كونرزدورف إلى برلين، متوقعاً أن يبذل آخر محاولة لحماية عاصمته. ولكن سالتيكوف لم يأتِ. فرجاله أيضاً يجب أن يطعموا، لأنهم كانوا في أرض العدو ووجدوا الحصول على الطعام محفوفاً بالخطر، وخط المواصلات مع بولندا طويل وغير مأمون. ورأى سالتيكوف أن قد آن الأوان ليأخذ النمساويون دورهم في قتال فردريك. ومن ثم أصدر أمره بالتقهقر.
ووافق داون على أن الخطوة التالية يجب أن تكون خطوته وأحس بأن هذا هو وقت الاستيلاء على درسدن. وكان الأمير هنري قد سحب قوة من المدينة لتنجد فردريك، ولم يترك سوى 30. 000 مقاتل لحراسة القلعة، ولكن التحصينات القوية كانت قد أقيمت لصد الهجوم. وكان القائد الجديد