قصه الحضاره (صفحة 12958)

الصراع على المستعمرات، لا عجب إذن أن يبغض جورج الثاني المتعلق بهانوفر ووزيره بت ولكن بت لم يلبث أن غير رأيه. وصرح أن فرنسا المنتصرة على فردريك ستغدو سيدة على أوربا، وعلى إنجلترا أيضاً بعد قليل، فعلى البرلمان إذن أن يوافق على إرسال المال لفردريك والجنود لهانوفر، ولابد من إكراه فرنسا على استنزاف قوتها في أوربا، بينما تنتزع إنجلترا المستعمرات والأسواق من البحار التي تفتحها.

وعليه ففي يناير 1757، أبرمت بريطانيا حلفاً ثانياً مع بروسيا، تعهدت فيه بالعون المالي لفردريك، وبالجنود لهانوفر. ولكن حدث أن أقيل بت فجأة (5 إبريل) وأربكت أهواء السياسة حكمتها، وتعطل إرسال العون لفردريك، وظل عاماً تقريباً يقف وحيداً، ومعه 145. 000 مقاتل، أمام جيوش تحدق به من كل صوب، ففي القرب 105. 000 مقاتل من فرنسا، 20. 000 مقاتل من الدويلات الألمانية، وفي الجنوب 133. 000 من النمسا، وفي الشرق 60. 000 من روسيا، وفي الشمال 16. 000 من السويد. في ذلك اليوم الذي شهد سقوط بت، وسم الإمبراطور فرنسيس الأول-زوج ماريا تريزا، اللطيف الوديع عادة-فردريك رسمياً بأنه خارج على القانون، ودعا كل الرجال الصالحين إلى تعقبه وتصيده لأنه عدو للنوع الإنساني عاصٍ فاجر.

3 - من براغ إلى روسباخ

1757

في 10 يناير أرسل فردريك إلى وزاراته في برلين تعليمات سرية: "يجب أن تجري الأمور مجراها دون أدنى تغيير إن قتلت، وإن تعثر حظي فأسرت، فأني أمنع أقل اعتبار لشخصي، أو أدنى التفات لأي شيء قد أكتبه وأنا في الأسر" (25).

وكانت لفتة عديمة الجدوى، لأن بروسيا كانت ضائعة لا محالة بدون عبقريته الحربية. وكان أمله الوحيد في ملاقاة أعدائه كلٍ على حدة قبل أن يستطيعوا التجمع عليه. ولم يكن الفرنسيون مستعدين للمعركة، وربما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015