فولتير: أنت لا تتحدث كما يتحدث البابا.؟
بندكت: قلت لك أنه ينبغي علينا أن نتحدث كما يتحدث الفلاسفة. فالبابا أيضاً يمكن أن يكون فيلسوفاً، ولكن عليه أن يعبر عن نتائج الفلسفة لا بلغة مفهومة للناس فحسب، بل بلغة خلقة بالتأثير على عواطفهم وسلوكهم. نحن مقتنعون-والعالم كله يعود إلينا لأنه يعلم-بأنه ليس ثمة قانون أخلاقي من وضع الإنسان بشكل صريح معترف به، يمكن أن يؤثر بدرجة كافية حتى يضبط ويتحكم في الدوافع غير الاجتماعية في الرجل الطبيعي. إن الناس عندنا محكومون في حياتهم الأخلاقية-ولو أن هذا لا يلتئم مع الجسد-بقانون أخلاق تعلموه وهم أطفال في طور التشكيل، باعتباره جزءاً من دينهم، واعتباره من عند الله لا من عنديات الإنسان. أنت تريد أن تحتفظ بالأخلاق وتنبذ اللاهوت، ولكن اللاهوت هو الذي جعل الأخلاقيات تستقر في أعناق النفس. ويجب أن نأخذ القانون الأخلاقي على أنه جزء لا يتجزأ من الإيمان الديني الذي هو أثمن ما يمتلك الإنسان، لأنه عن طريق هذا الإيمان وحده تكتسب الحياة معنى ومنزلة سامية تعزز وجودنا وتضفي علليه شرفاً ونبلاً.
فولتير: وعلى هذا ابتدع موسى أحاديثه مه الله.
بندكت: إن الذهن الناضج لا يوجه مثل هذا السؤال.
فولتير: أنت على حق تماماً.
بندكت: إني أغفر لك تهكمك الفطير غير الناضج. إن حمورابي وليكورغوس (مشرع إسبرطة في القرن التاسع ق. م) ونوما وبومبليوس كانوا بالتأكيد على حق في أن يضعوا للأخلاق أساساً دينياً حتى لا تنهار تحت الضربات المتواصلة من أقوى غرائزنا، وأنت نفسك قبلت هذا حين تحدثت عن إله يثيب ويعاقب؛ إنك