وفي 1762 أمرت برلمانات فرنسا بقمع حركة اليسوعيين، وسر برتييه حين انتهى عمله في تحرير الصحيفة، وآوى إلى دير للترابستيين ليحيا حياة الصمت والتأمل، وطلب السماح له بالانضمام إلى هذه الطائفة (التي يقوم مذهبها على دوام الصمت والتقشف والزهد) ولكن رئيس اليسوعيين أبى عليه ذلك، وعينه لويس الخامس عشر معلماً لأبناء الأسرة المالكة. ولما وقع الملك مرسوم طرد اليسوعيين من كل أنحاء فرنسا (1764) هاجر برتييه إلى ألمانيا. وفي 1776 سمح له بالعودة، فاعتزل كل نشاط، وأقام مع أخيه في بورج. ومات هناك في سن الثامنة والسبعين (1782) وكان رجلاً طيباً.
حمى وطيس الحرب نبذت أردية الكهنة ونبذت المجاملات، وركز الصحفيون أنظارهم على الفلاسفة، وسخر كل ذكاء باريس وكل مفردات لغتها للشد والجذب والطعان. ولقد رأينا كيف أن فولتير تعرض 1725 لبعض المتاعب لإنقاذ بيير ديفونتين من العقوبة القانونية للواط وهي الإعدام. ولم يغفر له ديفونتين هذا قط. وفي 1735 شرع في إصدار نشرة دورية تحت عنوان "ملاحظات على الكتابة الحديثة" استمرت حتى عام 1743 وعلى صفحاتها نصب نفسه مدافعاً عن البضائع وعن العفة بصفة خاصة. وهاجم، في زراية واحتقار، كل مظاهر انحلال الخلق أو الخروج على التقاليد السليمة، بلغة الأدب في ذاك العصر. ومات ألد أعداء فولتير. ولما مات في 1745 أوصى براية الجهاد لصديقه فريرون.
كان أيلي كاترين فريرون أقدر خصوم الفلاسفة وأشجعهم وأغزرهم علماً وثقافة. وكان عالماً بحاثة إلى حد أنه كتب "تاريخ ماري ستيوارت" (1742) وسبعة مجلدات في "تاريخ الإمبراطورية الألمانية" (1771). كما كان شاعراً إلى حد أنه نظم قصيدة "عن معركة فونتنوي" (1745) ولابد أن فولتير رأى فيها منافسه وقحة لقصيدته باعتباره المؤرخ الملكي. وفي 1745