قصه الحضاره (صفحة 12726)

وتأمل في النفاق الذي يفرضه الضبط الاجتماعي للدين على المتشككين.

أولئك الذين يريدون أن يكونوا فكرة عن القيود التي فرضها اللاهوت على عقول وتفكير الفلاسفة الذين ولدوا في ظل "الديانة المسيحية" فليقرؤوا الرومانسيات "القصص الخيالية" الميتافيزيقية التي كتبها ليبنتز وديكارت ومالبرانش وكودورث وغيرهم ويفحصوا في هدوء النظم والترتيبات البارعة ولكن الحماسية المسماة "التناسق المقرر مقدماً للأسباب العرضية (126) ".

وفوق ذلك فإن المسيحية بتركيزها فكر الإنسان على الخلاص الفردي في الدار الآخرة، أماتت الشعور الإنساني والاجتماعي في مثل هذا الفرد، وتكرت الناس غير شاعرين ببؤس رفاقهم، وبالجور والإجحاف اللذين يتعرضون لهما من قبل الجماعات والحكومات الظالمة.

ويرفض دي هولباخ الفكرة المسيحية الفولتيرية التي تقول بأن الإنسان يولد ولديه حلسة الصواب والخطأ. إن الضمير ليس صوت الله بل صوت رجل الشرطة، إنه رواسب وتراكم آلاف من التحذيرات والأوامر والتأنيبات تلقاها الفرد منذ نشأته "ويمكن تعريف الضمير بأنه معرفتنا بآثار أفعالنا على رفاقنا ثم إنعكاسها أو رد فعلها على أنفسنا (127). ويمكن لأن يكون هذا الضمير موجهاً أو مرشداً زائفاً، فلربما تشكل هذا الضمير نتيجة تعليم منحرف أو خبرة أسيء فهمها، أو تفكير خاطئ، أو رأي عام فاسد. وليس ثمة رذيلة أو جريمة لا يمكن إظهارها في ثوب الفضيلة عن طريق التعليم أو القدوة السيئة ومن ثم فإن الزنى مهما يكن من أس تحريم الدين له عمل يبعث على الفخر. والتملق الذليل مستساغ في البلاط واغتصاب النساء والسلب والنهب بين الجنود مكافآت مشروعة للمخاطرة بالحياة وتقطيع الأوصال. "أنا لنرى رجالاً أغنياء لا يعانون من وخز الضمير لما جمعوا من ثروة على حساب مواطنيهم" و "وطنيين متحمسين متعصبين لوطنهم أعمت ضمائرهم الأفكار الزائفة الباطلة فأغرتهم بإبادة من يحالفونهم في الرأي دون شعور بالندم أو تأنيب الضمير" وخير ما نأمل فيه ضمير تشكل عن طريق تعليم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015