قصه الحضاره (صفحة 12720)

العقلية. وإذا اعتبرنا الذهن وظيفة من وظائف الجسم فإننا بذلك نمكن علم الطب من شفاء الكثير من الاضطرابات العقلية بالقضاء على أسبابها الجثمانية (?).

ومن حيث أن الذهن وظيفة من وظائف الجسم فأنه أي الذهن خاضع للقاعدة الكونية، قاعدة الأسباب والنتائج الطبيعية. والفصل الحادي عشر من كتاب "منهج الطبيعة أفصح وأبلغ دفاعاً عن مذهب الحتمية (الإيمان بالقضاء والقدر) في مجال الفلسفة الفرنسية بأسرها.

"إن حياة الإنسان قضت عليه الطبيعة برسنه على سطح الأرض دون أن يكون لديه القدرة على الانحراف عنه قيد أنملة. أنه ولد دون رضاه. أن كيانه أو تنظيمه لا يتوقف البتة على نفسه. إن الأفكار التي تخالجه تأتي قسراً لا طوعاً، وعاداته واقفة تحت سيطرة الذين يحملونه على التخلي عنها. ويتعدل الإنسان ويتغير بلا انقطاع نتيجة أسباب وعلل مرئية أو خفية ليس له سلطان عليها ولا تحكم فيها، وهي بالضرورة تنظم أسلوب وجوده وتصبغ تفكيره بصبغة معينة، وتقرر طريقة تصرفه وأفعاله، فهو طيب أو رديء، سعيد أو تعس، عاقل أو أحمق، ومتعقل أو غير متعقل دون أن يكون لإرادته دخل في أي من هذه الحالات المختلفة (113) ".

ويبدو أن هذه الحتمية تنطوي على الجبرية وعلى النقيض من معظم الفلاسفة يرتضي دي هولباخ هذا التضمين ... إن حالة الكون في أية لحظة تحددها حالته في اللحظة السابقة، وهذه حددتها سابقتها، وهكذا دواليك في الماضي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015