نفس الوقت أكثرها أصالة. وظاهر أنه رأى أنه غير مستساغ ليقدمه حتى لأصدقائه. وبعد موته تسربت نسخة منه إلى ألمانيا أحدثت هناك دوياً شديداً. وأرتاع له شيللر وثارت نفسه، وحمله إلى جوته، وكان آنذاك في قمة الشهرة (1805) فترجمه إلى الإلمانية. ودخلت هذه الترجمة إلى فرنسا وأعيدت ترجمة الكتاب إلى الفرنسية (1821) ونشرت طبعة أخرى 1823 ولكن هذه لم تصل إلى المطبعة إلا بعد أن كانت أبنة ديدرو قد هذبتها وحذفت منها ما لا يليق نشره. ولم تكتشف المخطوطة الأصلية إلا في عام 1891 في كشك للكتب على ضفة نهر السين وهي موجودة الآن في مكتبة بييربونت موجان في نيويورك.
وأختار ديدرو لساناً ناطقاً بأفكار غريبة شاذة إلى حد كان من العسير معه أن يعبر عنها ديدرو بضمير المتكلم. جان فرنسوا رامو هو أبن أخي الملحن المشهور جان فيليب رامو (الذي توفي 1764) والذي كان لا يزال على قيد الحياة حين كتب الحوار غير القابل للنشر. وعرف ديدرو الموسيقى معرفة جيدة، وتحدث بطلاقة ودون تكلف عن لوكاتللي، برجوليسي وجوميللي، وجالوبي، وليووفنسي، وتارتيني، وهاس، وتنبأ بحق أنه في العزف على الكمان سرعان ما سيحل العزف الشاق محل العزف الجميل ويزحزحه من مكانه (39).
وألف أبن الأخ موسيقى، وأصاب بعض النجاح معلماً للموسيقى. ولكن كان أسمه يقض مضجعه ويقلق باله. وكان يغار أشد الغيرة من عمه ويحقد عليه تفوقه. فتخلى عن المعركة، وأنغمس في اللهو وأطلق العنان لشهواته ورغباته بشكل ينافي الأخلاق، مما وصفه ديدرو في قصته. وأكدت التقارير المعاصرة (40) كثيراً من الصفات الأخرى التي نسبت إليه في الحوار، ولكن التاريخ لم يؤيد ما ذهب إليه ديدرو من أنه كان قواد يتجر بجمال زوجته في سوق الدعارة. وعندما فارقت هذه الزوجة الحياة فقد جان فرانسو كل أحترام للنفس وجعل منه لسانه البذئ غير العف، الشديد التهكم