قصه الحضاره (صفحة 12477)

في السنة حاجاته هو وأخته وأدواته، فأكمله بصنع التلسكوبات وبيعها. وزاد من حجم ما صنعه منها لنفسه، حتى بلغ طول أحدها الذي صنعه في 1785 أربعين قدماً، بمرآة قطرها أربعة أقدام وقد كتبت فني بيرني، ابنة الموسيقي المؤرخ التي نقلها عنها كثيراً، في يوميتها بتاريخ 30 ديسمبر 1786:

هذا الصباح حملني أبي (بمعنى أركبها عربته، فقد كانت إذ ذاك في السادسة والثلاثين) إلى الدكتور هرشل واستقبلنا هذا الرجل العظيم الغريب الأطوار جداً بحفاوة بالغة ... وبدعوة من المستر هرشل قمت بجولة .. داخل تلسكوبه! وقد احتواني هذا التلسكوب مستقيمة العود دون أدنى مضايقة؛ وكذلك كان يحتويني لو كنت ألبس ريشتي وطوقي - فمحيطه كبير إلى هذا الحد (56).

وفي 1787 اكتشف هرشل قمرين لأورانوس سماهما أوبرون وتيتانيا؛ وفي 1789 وجد قمري زحل (ساتورن) السادس والسابع. وفي 1788 تزوج بأرملة غنية؛ فلم يعد هناك ما يقلقه من جهة المال، ولكنه واصل أبحاثه بحماسة لم تفتر، وألف أن يعمل طوال الليالي التي تطلع فيها النجوم ولا يحجب ضوءها قمر زاه. وكان يجري أكثر أرصاده في الهواء الطلق من رصيف يصل إليه بسلم متنقل ارتفاعه خمسون قدماً. وكان البرد يشتد أحياناً حتى يتجمد الحبر في الزجاجة التي تأخذها كارولين معها لتسجل كشوفه.

وبعد أن واصل هرشل بأسلوب أكثر نظاماً وتيلسكوبات أفضل صنعاً عمل شارل مسييه ونيكولا دلاساي في تحديد مواقع السدم وعناقيد النجوم وعمل قوائم لها، قدم إلى الجمعية الملكية (1782 - 1802) قوائم حوت 2. 500 سديم وعنقود، و848 نجماً مزدوجاً. ومن هذه النجوم الأخيرة كان هو نفسه قد اكتشف 227 نجماً. وألمع إلى أنها قد تكون ازدوجت في جذب ودوران متبادلين-وهذا تطبيق منير لنظرية نيوتن على العلاقات بين النجوم. وفي كثير من الحالات تبين أن ما بدا كأنه نجم واحد إنما هو في الحقيقة عنقود من نجوم منفردة، وتبين أن بعض هذه العناقيد- حين رؤيت في التلسكوبات الكبيرة-هي نجوم قائمة بذاتها على مسافات من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015