ب- بريستلي
ظل الفضل في اكتشاف الأكسجين ينسب طويلا إلى جوزف بريستلي لا إلى شيليه، لأنه اكتشفه مستقلا عن شيليه، وأذاع اكتشافه هذا في 1775 قبل عامين من نشر شيليه المتأخر لكشفه. ومع ذلك فنحن نكرمه لأن أبحاثه أتاحت للافوازييه أن يضفي على الكيمياء شكلها الحديث، ولأنه كان من الرواد في الدراسة العلمية للكهرباء، ولأنه أسهم بشجاعة في الفكر البريطاني عن الدين والحكومة حتى أن جماعة متعصبة من الغوغاء أحرقت بيته في برمنجهام وحملته على الالتجاء إلى أمريكا. وقد لمس تاريخ الحضارة في نقط كثيرة، وهو واحد من أعظم شخصياته إلهاماً.
ولد في يوركشير في 1733، لمشاط من المنشقين على الكنيسة الرسمية. وأكب بنهم على دراسة العلم، والفلسفة، واللاهوت، واللغات؛ فتعلم اللاتينية، واليونانية، والفرنسية، والألمانية، والإيطالية، والعربية، وحتى طرفاً من السريانية والكلدية. واشتغل أول الأمر واعظاً منقشاً في سافوك، ولكن عقده في لسانه انتقصت من تأثير بلاغته في السامعين. فلما بلغ الخامسة والعشرين نظم مدرسة خاصة بعث الحياة في منهاجها بتجارب في الفيزياء والكيمياء. وفي الثامنة والعشرين أصبح معلماً في أكاديمية للمنشقين في وارنجتن، وهناك علم خمس لغات، ووجد رغم ذلك الوقت ليجري أبحاثاً أكسبته زمالة في الجمعية الملكية (1776). في تلك السنة التقى بفرانكلن في لندن فشجعته على تأليف كتابه "تاريخ الكهرباء ووضعها الراهن" (1776) وهو مسح جدير بإعجاب للموضوع بأسره حتى جيله. وفي 1767 عين راعياً لكنيسة مل هل بليدز. وقد تذكر في تاريخ لاحق من حياته، إنه "نتيجة لسكناي حيناً بقرب مصنع عمومي للجعة أغريت بإجراء تجارب على الهواء الثابت (31). لأن عجين مصنع الجعة انبعث منه غاز ثاني أكسيد الكربون. وقد أذابه في الماء، وأعجبته نكهته الفوارة؛ وكان هذا أول "ماء صودا".
وفي 1772 أعفى من هموم الرزق بتعيينه أمين مكتبة للورد شلبيرن. وفي البيت الذي جهز له بكولن أجرى التجارب التي أكسبته شهرة دولية.