قصه الحضاره (صفحة 12408)

بلاكستون في "تعليقاته" يقول: "إن إنكار إمكان السحر والمعرفة، لا بل وجودهما الفعلي، إنما هو تكذيب صريح لكلمة الله، فالشيء وذاته حقيقة شهدتها كل أمة في العالم بدورها". ولكن القانون الإنجليزي الذي جعل من السحر جناية كبرى ألغى في 1736 رغم بلاكستون والكتاب المقدس. ولم يرد ذكر لأي حكم بالإعدام عقاباً على تهمة السحر لا في فرنسا بعد 1718، ولا في إسكتلندة بعد 1722؛ وحكم الإعدام الذي نفذ في سويسرا عام 1782 هو آخر ما ورد من أحكام إعدام في القارة الأوربية (6). وكان لازدياد الثروة، وتكاثر المدن، وانتشار التعليم، وتجارب العلماء، ونداءات الأدباء والفلاسفة - كان لهذا أثره في الحد شيئاً فشيئاً من دور الشياطين والعفاريت في حياة الناس وتفكيرهم، ورفض القضاة الاستماع إلى تهم العرافة، متحدين في ذلك التعصب الجماهيري. وبدأت أوربا تنسى أنها ضحت بمائة ألف رجل، وامرأة، وفتاة، على مذبح خرافة واحدة فقط من خرافاتها الكثيرة (7).

وظل اضطهاد الكنيسة والدولة، والكاثوليك والبروتستنت، للمنشقين والخوارج يرهب الناس بأهواله ليحجب عن عقولهم أي أفكار قد تمس لمعتقدات الراسخة أو تزعج السلطات المقررة. وقد زعمت الكنيسة الكاثوليكية أن مؤسسها هو ابن الله، فهي إذن مستودع الحق الإلهي، والمفسر لشرعي الوحيد له، ولها إذن حق قمع الهرطقة. وقد انتهت إلى أنه لا خلاص لإنسان من الهلاك الأبدي خارج الكنيسة. ألم يقل المسيح "من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يدن"؟ (8) ومن ثم فإن مجمع اللاتران المسكوني الرابع، المنعقد في 1215، جعل النص الآتي جزءاً من العقيدة النهائية التي يلزم بها كل كاثوليكي "هناك كنيسة جامعة واحدة للمؤمنين، لا خلاص خارجها لأحد على الإطلاق" (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015