قصه الحضاره (صفحة 12022)

وواصل التأليف والقيادة سبع سنين أخر. فقدم في ستة أسابيع (23 فبراير إلى 6 أبريل 1759) حفلتين عرض فيهما "سليمان"، وحفلة عرض فيهما "شمشون" واثنتين "يهوذا المكابي" وثلاثاً "المسيا". ولكن بينما كان يغادر المسرح عقب حفلة عرض المسيا في 6 أبريل وقع مغشياُ عليه، واقتضى الأمر حمله إلى بيته. فلما أفاق كان دعاؤه أن يفسح له في الأجل أسبوعاً آخر. "أريد أن أموت في يوم الجمعة الكبيرة، رجاء أن ألحق بالآلة الصالح، ربي ومخلصي الحبيب، في يوم قيامته (72) ". وأضاف إلى وصيته ملحقاً أوصي فيه بألف جنيه لجمعية إعانة الموسيقيين العجزة وعائلاتهم، وبمبالغ كبيرة لثلاثة عشر صديقاً، وإلى "خادماتي راتب سنة لكل واحدة". ومات في سبت النور (عشية القيامة)، 14 أبريل 1759، ودفن في دير وستمنستر في 20 أبريل، في مشهد من "أعظم حشد للبشر من جميع الرتب رؤى في مثل هذه المناسبة بل وفي أي مناسبة أخرى (73) ".

ولقد ترك ثروة موسيقية لا تضارع، ستاً وأربعين أوبرا، واثنين وثلاثين أوراتوريو، وسبعين مقدمة، وإحدى وسبعين كنتاتاً، وستة وعشرين كونشرتاً كبيراً، وثمانية عشر كونشرتاً للأرغن، وكثيراً وكثيراً غير هذا بحيث يملأ كل هذا مائة مجلد ضخم، تكاد تعدل أعمال باخ وبيتهوفن مجتمعة. وكان بعض هذا التراث مكرراً، وبعضه مسروقاً، لأن هندل سطا على موسيقى تسعة وعشرين مؤلفاً على الأقل دون إقرار بفضلهم ليستعين بهم على الوفاء بمواعيده (74)، مثال ذلك أن المينيوويت في مقدمة "شمشون" أخذت أنغامها نصاً من أوبرا كلوديوس لكايزر.

ومن العسير تقدير هندل بقدره الصحيح، لأنه لا يعرض علينا اليوم إلا اليسير من أعماله. أما الأوبرات، فإنها باستثناء بعض الألحان الساحرة لا سبيل إلى بعثها، فقد وضعت ضمن نماذج إيطالية ذهبت ولا أل في رجوعها فيما يبدو، ونصوص موسيقاها الموجودة الآن ناقصة، وهي تستعمل رموزاً واختصارات أكثرها غير مفهوم الآن، وقد كتبت لأوركيسترات يختلف تكوينها عن تكوين أوركستراتنا اختلافاً تاماً، ولأصوت لجنس ثالث مختلف كل الاختلاف عن المتوسط من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015